واصل مركز التنمية والإعلام المجتمعي (CDMC) في قطاع غزة، تنفيذ أنشطة مشروعٍ الأمان الرقمي للنازحين والنازحات الشباب في مراكز الإيواء وسط قطاع غزة، وتقديم التوعية والاستشارات اللازمة في هذا المجال.
وتأتي هذه التوعية ضمن أنشطة مشروع "توجيه المجتمع نحو مساحات آمنة رقمية من خلال تعزيز جهود محو الأمية الرقمية في قطاع غزة"، بالشراكة مع (CCFD)، تم خلال المرحلة الماضية تنفيذ (7) ورش بعنوان (الحماية الرقمية خلال الحروب والصراعات)، بالتعاون مع خمس مخيمات ومراكز إيواء بالمحافظة الوسطى وسط قطاع غزة.
وشارك في هذه الوُرش (160) شابةً وشابًا من النازحين والنازحات من الفئة العمرية (14-25)، من طلاب التعليم الثانوي والجامعي المنقطعين عن التعليم منذ عامٍ كامل بسبب حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، وما زالت مستمرة.
وقالت فدوى عبد الله، منسقة المشروع، إن ورش العمل نفذها (7) من الشباب/ات ضمن فريق التوعية الرقمية الذي يعمل مع المركز منذ نحو أربع سنوات داخل المدارس والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني، لتعزيز ثقافة الأمان الرقمي، ويعملون خلال الحرب على رفع مستوى الحماية لدى الأفراد لتجنّب الوقوع كضحايا للجرائم الالكترونية في ظل غياب كامل للأمن.
وتضمنت ورش العمل مفهوم الأمان الرقمي، أهمية الحماية خلال الحروب والصراعات، التعرف على الجرائم الالكترونية وأنواعها، آليات الحماية من الوقوع ضحية لأي جريمة الكترونية، بالإضافة إلى شرح نظري لأهم إعدادات الأمان على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضافت عبد الله إنه تم خلال هذه الجلسات توزيع (160) من حقائب (كرامة) التي تتضمن مجموعة من مستلزمات النظافة الشخصية لكلا الجنسين، المفقودة من السوق المحلي في قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي، والارتفاع الفاحش في أسعار العدد البسيط المتوفّر منها، ما يجعل الحصول على هذه المستلزمات أمرٌ في غاية الصعوبة.
وقالت عبد الله إن الفئة العمرية المستهدفة مهمشة خلال الحرب، وأن تنفيذ هذه الورشات أشعرتهم بنوعٍ من تقدير الذات وأن هناك مؤسسات تهتم بهم، إذ تبيّن وجود تركيزٍ عالٍ ورغبة بحضور الجلسات من المشاركين والمشارِكات.
وتابعت إن هناك الكثير من التدخلات على مستوى المفاهيم تم إيصالها خلال الورشات في ظل غياب المنظومة الأمنية وضرورة تفعيل الشباب للرقابة الذاتية على استخدام أدواتهم الرقمية، بحيث يضعون لأنفسهم مساحة أمان كي لا يكونوا جزءًا من الفوضى والإشاعات، أو الوقوع ضحايا جرائم الكترونية.
واستطردت إن حجم المتغيرات خلال شهور الحرب العشرة كبيرة، فهي صنعت نوعُ من الضياع وعدم إدراك أنواع أخرى من المخاطر الرقمية، رغم انتشارها بين النازحين.
وأوضحت إن الأماكن التي تم تنفيذ الورشات فيها اختلفت ما بين مراكز الإيواء والمخيمات، ورغم محاولة رسم صورة جميلة للمشهد، لكن غالبًا الأماكن كانت حارّة وضيقة داخل المخيمات التي فضّل (الإعلام المجتمعي) تنفيذ الورشات بها بدلًا من المؤسسات، للوصول إلى الفئات الأكثر هشاشة.
ويعكف مركز التنمية والإعلام المجتمعي على تنفيذ مشروع (الأمان الرقمي) منذ خمس سنوات، خلال تفشّي وباء كورونا، حيث ارتفعت معدّلات تعرّض النساء والفتيات للجرائم الالكترونية، فكان استجابة لتعزيز جهود محو الأمية الرقمية في قطاع غزة.
ويعمل المركز حاليًا على تنفيذ مشروعٍ مدته (6) شهور، منذ يوليو حتى نهاية العام الجاري، وتنبع أهميته كما توضح عبد الله كونه أحد أشكال مناهضة العنف الالكتروني القائم على النوع الاجتماعي من خلال تعزيز الوعي باستخدام منصات التواصل الاجتماعي خلال الحروب والصراعات.
وأوضحت عبد الله إن أبرز الملاحظات التي رصدتها هي اضطرار الشبان لاستخدام شبكات الشوارع وهي غير آمنة، كما تتعرض هواتفهم للاختراق والسرقة خاصة عند إرسالها إلى نقاط شحن بعيدة، إضافة إلى عدم القدرة على تحديث التطبيقات بسبب ضعف الانترنت، وانتشار الروابط التي يتفاعل معها الناس ظنًا بأنها تخص المساعدات.
أما أبرز التحديات التي تواجه المشروع، فتقول عبد الله عن فريق الميسرين موجود بمناطق متعددة من شمال وجنوب بالقطاع، ومناطق خطرة، وبعض الورش تُلغى بسبب عمليات الإخلاء، كما أن هناك تحدّيات مرتبطة بالأمان الرقمي، خاصة وأن معظم الشبكات المتوفرة خلال الحرب غير آمنة، كما تعرّضت هواتف الكثير من الشبان والشابات للسرقة، واضطروا لشراء هواتف مسروقة، إضافة إلى عدم التمكّن من تطبيق الجانب العملي بسبب انقطاع الكهرباء والانترنت، كما أن أماكن تنفيذ الورشات كانت حارّة وضيقة.
وقالت المشاركة فرح رمضان العبد (17 عامًا) إنها استفادت من الورشات بتعلّم أبرز الإشكاليات الرقمية التي تواجه الشباب خلال النزاعات وكيفية تجنبها.
وتابعت: "تم خلال التدريب طرح مشاكل مختلفة وتم التعامل معها، قمت بوضع بصمة وجه لهاتفي وتغيير كلمات المرور الخاصة بتطبيقاتي، وأرى أن الوقت مناسب للمعلومات التي تم تقديمها، المهم أنني تعرّفت كيف أحمي نفسي"، وقدّمت فرح الشكر للمركز، مؤكدة ضرورة مواصلة مثل هذه التدريبات للشباب والفتيات.
بدورها قالت المدربة سهاد حمّاد إن إطلاق مركز التنمية والإعلام المجتمعي لورش الأمان الرقمي في ظل حرب الإبادة هو تحدٍ كبير لكل الظروف الحالية، وهو أحيا داخلها الرغبة في الإفادة للشبان الذين هم بأمسّ الحاجة للثقافة الرقمية في ظل انتشار ظاهرة سرقة الهواتف وعدم وعي الكثير من الناس بأهمية تأمين الهواتف والتطبيقات قبل إرسالها للشحن في نقاط شحن بعيدة.
وتابعت حمّاد إنه تم الحديث عن الكثير من النقاط منها سياسة إضعاف الروح المعنوية من خلال بث الإشاعات، وإرسال روابط وهمية تحمل معلومات مضللة قد يقع الكثيرون فريسة لها، فكان دور التدريب التوعية بكل طرق الأمان الرقمي ومعرفة كيفية التعامل معها او تفاديها وعدم الخضوع لشتى أنواع الجرائم الالكترونية خاصة الفتيات.
وتابعت حمّاد إنها بالعمل مع مركز التنمية والإعلام المجتمعي على مدار 4 سنوات، ادخّرت كثيرًا من الثقافة المتعلقة بالأمن الرقمي، وعززتها من خلال معايشة ما يجري في الحرب، وما زاد من دافعيتها للعودة هو الاستجابة لمطالب الكثير من الفتيات اللواتي رغبن في حضور مثل هذه التدريبات، مؤكدة ضرورة أن يواصل المركز ورشات العمل للوصول إلى أكبر شريحة من الشباب.