أصدرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" تقريرها السنوي الثامن والعشرين حول وضع حقوق الإنسان في فلسطين، بعد أن تسلم الرئيس محمود عباس نسخة من التقرير خلال استقباله الأستاذ عصام عاروري مفوض عام الهيئة ومديرها العام الدكتور عمار الدويك بمقر الرئاسة في مدينة رام الله.
ويحتوي التقرير ثلاثة أقسام رئيسة يشتمل كلٌ منها على عدة موضوعات بما فيها التوصيات، وحمل القسم الأول عنوان أثر الانتهاكات الإسرائيلية على قدرة المؤسسات الفلسطينية على الوفاء بالتزامات حقوق الإنسان، فيما تناول القسم الثاني المتغير في حالة حقوق الإنسان والحريات العامة في فلسطين، أما القسم الثالث، فحمل عنوان تقييم تعامل المؤسسات الرسمية مع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالشكاوى.
ويستعرض التقرير الذي يقع في 150 صفحة من القطع الكبير، تحركات الهيئة على مختلف المستويات الدولية، العربية والإقليمية، لفضح ممارسات الاحتلال ولتحميل المجتمع الدولي مسؤولياته والقيام بواجباته حسب ما يمليه القانون الدولي.
الاحتلال الإسرائيلي هو المنهك الأول للحقوق الفلسطينية
يستمر الاحتلال الإسرائيلي، المنتهك الأول والأساس لحقوق الإنسان الفلسطيني الجماعية والفردية، في ممارساته سياساته الاستعمارية التوسعية، ليبقى العقبة الأولى التي تحول دون تمتع المواطن الفلسطيني بحقوقه الأساسية السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن الأمن الشخصي والحق في الحياة.
العدوان الحربي على قطاع غزة، استهدف عدوان الأيام الخمسة الاحتلالي بشكل مباشر ومتعمد المدنيين والأعيان المدنية والمناطق المأهولة بالسكان والبنى التحتية، خلف هذا العدوان 49 شهيداً، بينهم 19 طفلاً و4 نساء، واصابة 360 شخصاً على الأقل، مع تفاقم الأزمة الإنسانية، وتدمير عشرات المنشآت والمنازل وشبكات طرق وإمدادات المياه والكهرباء، علاوة على المنشآت والأراضي الزراعية، وبفعل الحصار المتواصل منذ 16 عاماً يستمر الاحتلال في عرقلة إدخال الأدوية والأجهزة الطبية وحرمان مرضى القطاع من حقهم في تلقي العلاج، عرقلت سلطات الاحتلال سفر (5001) من المرضى المحولين لتلقي العلاج اللازم في مشافي خارج قطاع غزة.
تصاعد خطير في إجراءات الاحتلال واعتداءات مستوطنيه، استمرت إجراءات الاحتلال الاستعمارية التوسعية المبنية على توجهات عنصرية، تصاعد خطير في وتيرة نهب الأراضي والاستيلاء عليها، مترافقة مع تقطيع أوصالها بالحواجز العسكرية، ومداهمة المؤسسات الأهلية والتعليمية واقتحامها، وازدياد وتيرة الإعدامات الميدانية. وقمع المقاومة الشعبية، إعدام الشيخ الثمانيني سليمان الهذالين، والمواطنة غادة إبراهيم سباتين بدم بارد. المحامي محمد حسن عساف. والإعدام خارج القانون، خاصة في الضفة الغربية، (159) حالة في العام 2022، مقارنة بما معدله (45) حالة سنوياً في السنوات الخمس السابقة، فقد شهد العام 202 ارتكاب المستوطنون )1431 ( اعتداء بحق المدنيين الفلسطينيين أفراداً وممتلكات، وصدور أوامر عسكرية بمصادرة ما يزيد على (29,000) دونم لأغراض استيطانية توسعية، وأصدرت سلطات الاحتلال (11) أمراً احتلالياً لإخلاء أراضٍ معظمها زراعية، كما أصدرت حكومة الاحتلال (158) مخططاً استيطانياً للبناء والتوسّع في (78) مستوطنة، واصدار أوامر بمصادرة ما لا يقل عن (1237) دونماً تحت ذرائع مختلفة، واقتحام المدن والبلدات الفلسطينية بواقع نحو )6464(مرة، اقامة )3319(حاجزاً مفاجئاً، وإطلاق النار نحو )4455(مرة، واقتراف نحو )775(واقعة اعتداء وتدمير لممتلكات المواطنين.
تصعيد خطير في القدس، استمرت الاقتحامات متكررة للمسجد الأقصى المبارك وانتهاك حرية الوصول لأماكن العبادة، وأعادت سلطات الاحتلال إحياء سياسية الترحيل والإبعاد، وهذا ما تم بحق المحامي المقدسي المدافع عن حقوق الإنسان صلاح الحموري، وازداد عدد المنشآت المهدومة في القدس والمناطق المصنفة ج إلى (953) منشأة، مقارنة بمعدل (651) منشأة سنوياً في السنوات الخمس السابقة.
استهداف الصحفيين، جاءت جريمة اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة أثناء قيامها بعملها الصحفي في جنين وبعدها الصحافية غفران وراسنة في إطار الاستهداف الممنهج للصحافة والصحافيين، رصدت وزارة الإعلام (573) انتهاكاً بحق الصحافيين الفلسطينيين ومؤسساتهم الإعلامية، تركز معظمها في (227) صحافياً و(58) صحافية، و(75) طاقماً صحافياً، وحجبت أكثر من (105) صفحات إعلامية وحسابات تابعة لصحافيين وصحافيات على مواقع التواصل الاجتماعي بتحريض مباشر من الاحتلال.
سياسة الإهمال الطبي المتعمدة بحق الأسرى والمعتقلين، بعد معاناة طويلة مع مع المرض والإهمال الطبي ارتقى الشهيد ناصر أبو حميد، فمنذ العام 1969 ارتقى (233) معتقلاً منهم (74) شهيدا نتيجة لسياسة الإهمال الطبي الممنهج. وارتفع عدد الشهداء المحتجزة جثامينهم خلال العام 2022 (11) أسيراً باستشهاد الأسرى داود الزبيدي، ومحمد تركمان وناصر أبو حميد. (2409) أمر اعتقال إداري، ما بين أوامر جديدة وأخرى تم تجديدها، بما فيها أوامر صدرت بحق مقدسيين وفلسطينيين من الداخل المحتل، و(40) معتقلاً جريحاً من بينهم أطفال، أوامر حبس منزلية طالت (600) مواطن مقدسي. يبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال نحو 4700 أسيراً، من بينهم نحو (150) طفلًا، و(33) أسيرة.
قرصة الأموال الفلسطينية، أثرت سياسات اقتطاع جزء من مستحقات المقاصة، وعدم وفاء العديد من المانحين بالتزاماتهم المالية بشكل سلبي وخطير وأدت إلى، عدم قدرة الحكومة الفلسطينية الإيفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين، وبشكل أكبر على الفئات الأكثر فقراً تهميشا، وعدم القدرة على الدفع لموردي الخدمات، بما يشمل المستشفيات والأدوية والمستلزمات الطبية، وتعثر برنامج المساعدات النقدية الذي تستفيد منه الفئات الافقر في المجتمع. والتزام الحكومة براتب جزئي منذ شهر سبتمبر 2021 للعاملين في القطاع العام، دفع بعض فئات الموظفين (مثل المعلمين والأطباء والمهندس والعاملين في المهن الطبية المساعدة) الى إعلان الاضراب، الأمر الذي أعاق تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.
على الصعيد الداخلي
أخدت الهيئة دورها وانخرطت في قضايا الشأن العام وسعت نحو دمقرطة مؤسسات ونقابات وقدمت مبادرات إلى جانب مؤسسات وشخصيات وطنية وأكاديمية ومهنية، كمبادرة انتظام العملية التعليمية في المدارس الحكومية ودمقرطة اتحاد المعلمين، وكذلك الرقابة على انتخابات نقابة الصحفيين. ومن خلال تدخلات الهيئة تم حل بعض الأزمات التي نشأ عنها تعطل خدمات بعينها مثل التعليم والصحة. وقد استندت الهيئة في تدخلاتها الى نهج مبني على الحقوق، مستفيدة من القبول الذي تحظى به لدى مختلف الاطراف. واستمرت الهيئة في متابعة قضايا مهمة كملف التعذيب وسوء المعاملة على مختلف الصعد محياً وأممياً.
الحق في الحياة والسلامة الجسدية، رصدت الهيئة (196) حالة وفاة في ظروف غير طبيعية، (46) حالة منها خاصة بإناث، و(150) حالة خاصة بذكور، و(37) حالة خاصة بأطفال، و(5) حالات خاصة بأشخاص ذوي إعاقة، و(10) حالات خاصة بكبار سنّ. بلغ إجمالي عدد شكاوى الحق في السلامة الجسدية (542) شكوى، (264) شكوى في الضفة الغربية و(278) شكوى في قطاع غزة، مقارنة بـ (445) شكوى في العام 2021.
الحرية الشخصية، (182) شكوى حول الاحتجاز دون إبراز مذكرة قانونية صادرة عن النيابة العامة أو أمر قضائي صادر عن المحاكم المختصة، وفي خارج الحالات التي يسمح فيها القانون بالقبض على الأشخاص دون مذكرة قانونية، و(73) شكوى ترتبط بالاعتقال الإداري واحتجاز البعض عدة أشهر قبل إخلاء سبيلهم، (94) شكوى ترتبط بالامتناع عن تنفيذ قرارات المحاكم بإخلاء السبيل، وما زال عدد من هؤلاء قيد الاحتجاز الإداري على الرغم من مرور عدة شهور على إصدار المحاكم قرارات بإخلاء سبيلهم.
الحق في حرية الرأي والتعبير، تلقت الهيئة (58) شكوى، تضمنت (76) ادعاءً بانتهاك الحق في حرية الرأي والتعبير، بواقع (40) شكوى في الضفة الغربية، و(18) شكوى في قطاع غزة.
الحق في التجمّع السلمي، (26) شكوى حول انتهاك الحق في التجمع السلمي، منها (20) شكوى في الضفة الغربية، و(6) شكاوى في قطاع غزة، ذات طابع سياسي وبدرجة أقل طابعاً معيشياً، تتمثل عادة في منع عقد التجمعات السلمية، وفضها، والاعتداء على المشاركين بها واحتجازهم أو استدعائهم.
الحق في تقلّد الوظائف العامة، (210) شكاوى تتصل بانتهاكات الحق في تقلد الوظائف العامة، (118) شكوى منها في الضفة الغربية، (92) شكوى في قطاع غزة، وقد توزعت الشكاوى من حيث الجنس على (48) شكوى خاصة بالإناث، ومن حيث الإعاقة تلقت الهيئة (19) شكوى خاصة بالأشخاص من ذوي الإعاقة، (10) شكاوى منها في الضفة الغربية، و(9) شكاوى في قطاع غزة، (221) شكوى متعلقة بالمنازعات الإدارية (ترقية، الحقوق التقاعدية، الحقوق المالية، الحق في الإجازة، النقل التعسفي)، منها (123) شكوى في الضفة الغربية، و(98) شكوى في قطاع غزة. (65) شكوى منها خاصة بالإناث، و(11) شكوى للأشخاص من ذوي الإعاقة، وارتفعت الشكاوى الخاصة بالإناث والأشخاص ذوي الإعاقة، (23) شكوى تتصل بالفصل من الوظيفة العامة (الفصل التعسفي)، ودون الالتزام بالمعايير القانونية لتوقيف، أو فصل، أو عزل الموظف العام.
الحق في التنقّل، (13) شكوى من مواطنين أفادوا فيها بأن الأجهزة الأمنية الفلسطينية منعتهم من السفر دون وجود أمر قضائي في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، (42) شكوى في قطاع غزة، حول امتناع وزارة الداخلية في رام الله، عن إصدار أو تجديد جوازات السفر، وزارة الداخلية في رام الله ما زالت تمتنع منذ العام 2007 عن إصدار جوازات سفر لمواطنين في قطاع غزة أو تجديدها قبل صدور موافقة الأجهزة الأمنية، (8) شكاوى في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، ترتبط باحتجاز بطاقات إثبات الهوية وجوازات السفر.
المدافعون عن حقوق الإنسان، يتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان لجملة من الانتهاكات والمضايقات التي ترتكبها جهات رسمية أو أطراف أخرى غير رسمية. قد تصل للقتل أو الخطف أو الاعتقال والتعذيب والتهديد وإيذاء الأسرة والتشهير، تتعرض المدافعات عن حقوق المرأة لمضايقات مختلفة من قبل حركات اجتماعية وأحزاب دينية وسياسية، ترى في دفاعهن عن المرأة تعارضاً مع الدين وتماشياً مع أهداف الغرب وتنكراً للقيم والعادات والتقاليد العربية.
الحق في الصحة، (52) شكوى أغلبها مرتبط بموضوع تحويلات العلاج لخارج المؤسسات العلاجية الرسمية، وعدم توفر بعض الأدوية. (34) شكوى لذكور و(18) شكوى لإناث، (17) شكوى في قطاع غزة و(35) شكوى في الضفة الغربية.
الحق في التعليم، (23) شكوى تضمنت (24) ادعاءً بانتهاء الحق في التعليم، بواقع (18) شكوى في الضفة الغربية، و(5) شكاوى في قطاع غزة، تركزت حول التكيف وتوفير التعليم، المساواة في فرص التعليم دون تمييز أو تحيز بسبب الانتماء السياسي. التعدي على الحريات الأكاديمية وحرية ممارسة الأنشطة الطلابية. حرية البحث العلمي. حرية ممارسة الأنشطة الطلابية، وتوفير التعليم الجامعي المجاني.
الحق في العمل، (4) شكاوى تتصل بانتهاكات الحق في حرية ممارسة العمل النقابي، (42) شكوى جميعها في قطاع غزة، تتصل بانتهاك حق العمال في الحصول على مكافأة نهاية الخدمة، رصدت الهيئة (10) حالات وفاة لمواطنين ناتجة عن عدم اتباع معايير السلامة والصحة المهنية في بيئة العمل، منها (8) في الضفة، وحالتان في قطاع غزة.
الحق في السكن الملائم، وإعادة الإعمار في قطاع غزة، (40) شكوى تتصل بانتهاكات الحق في السكن الملائم، (2) شكوى منها في الضفة الغربية، (38) شكوى في قطاع غزة، ارتفاع الشكاوى في غزة نظراً لتدمير الاحتلال آلاف المباني السكنية خلال اعتداءاته المتكررة على قطاع غزة، وتباطؤ عملية إعادة الإعمار، وزيادة حاجة المواطنين للسكن نتيجة ارتفاع معدل الكثافة السكانية، وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وتضمن التقرير تقييماً لتعامل المؤسسات الرسمية مع الهيئة فيما يتعلق بالشكاوى في الضفة الغربية كوزارات التربية والتعليم، التنمية الاجتماعية، الحكم المحلي، الصحة، المالية، الداخلية. وأيضاً مجلس القضاء الأعلى، النيابة العامة والشرطة والأجهزة الأمنية، ومراكز الإصلاح والتأهيل في الضفة الغربية وقطاع غزة.
التقرير كاملاً اضغط هنا