طالب ممثلو منظمات أهلية عاملة في قطاع الشباب وخبراء بضرورة إجراء الانتخابات المحلية والتشريعية وتمكين الشباب من المشاركة في صنع القرار والتأثير في السياسات الوطنية وتعزيز مشاركتهم في النقابات والمجالس البلدية وعلى مستوى المجلس التشريعي الفلسطيني وفي مختلف المستويات السياسية والحزبية.
وأكدوا على ضرورة توحيد الجهود بين منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان من خلال إشراك الشباب في إعداد الخطط الوطنية والاستراتيجيات العامة من أجل ضمان حصول الشباب على حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
جاء ذلك خلال ورشة العمل التي نظمها قطاع الشباب في شبكة المنظمات الأهلية في مدينة غزة بعنوان "سبل تعزيز دور الشباب في مواجهة الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي" ضمن مشروع “تعزيز الديمقراطية وبناء قدرات المنظمات الأهلية” بالشراكة مع المساعدات الشعبية النرويجية NPA.
وفي كلمته الافتتاحية أكد ياسين أبو عودة منسق قطاع الشباب في الشبكة على أهمية تعزيز حقوق الشباب وتطلعاتهم في مجتمعاتهم سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافيًا وفق قرار الأمم المتحدة في دورتها الرابعة والخمسين حول" السياسات والبرامج المتصلة بالشباب".
وأضاف أبو عودة أن تزايد التحديات الكارثية في الواقع الفلسطيني وخاصة زيادة وتيرة انتهاكات الاحتلال لمبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان، واستمراره في ارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين وفي مقدمتهم الشباب؛ قد أدت إلى حرمان الشباب من حقوقهم الأساسية مثل الحق في السكن والحق في العمل والحق في الصحة والتعليم، وأدى إلى تراجع في النمو الاقتصادي وخفض نسب المشاركة السياسية للشباب، وأضعف قدرة الشباب على التكيف ومواجهة الصدمات.
من جانبه، أشار أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية إلى معاناة الشباب من الإحباط واليأس في ظل الواقع السياسي المعقد والاقتصادي الصعب الذي يعيشه المجتمع الفلسطيني نتيجة الاحتلال والانقسام السياسي وغياب الرؤية والمشروع الوطني، وتهميش دور الشباب في المشاركة السياسية رغم امتلاكهم القدرات والمؤهلات الكافية.
وأكد الشوا أن شبكة المنظمات الأهلية تبنت قضايا الشباب من خلال تنفيذ العديد من حملات المناصرة التي طالبت وضغطت من أجل تحقيق المشاركة السياسية الفاعلة للشباب، مُطالباً بضرورة الانتقال من حالة الإحباط واليأس إلى مرحلة البناء والإنتاجية وتبني الرؤية والمشروع الوطني والعمل على تحفيز الشباب والتأكيد على أهمية دورهم في المجتمع وإشراكهم في القضايا السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية.
وفي كلمتها أوضحت وفاء أبو زيد من جمعية منتدى التواصل أهمية دور ومشاركة الشباب السياسية ودعمهم اقتصادياً وتوفير البيئة الاجتماعية الداعمة لهم، مشيرة لوجود العديد من البرامج والمشاريع التي تنفذها المنظمات الأهلية لدعم وتعزيز دور الشباب في مختلف المجالات، ومن ضمنها المشاريع التي تعمل على تأسيس المجالس الشبابية في البلديات والتي تساهم في تعزيز قدرة الشباب على المشاركة مستقبلاً في الانتخابات المحلية والتشريعية وحتى في الأحزاب السياسية.
من جهته أشار م.محمد أبو زعيتر نائب المدير التنفيذي لصندوق التشغيل الفلسطيني إلى أن سوق العمل في فلسطين يواجه العديد من التحديات، منها معدلات البطالة المرتفعة خاصة في أوساط الشباب، ومحدودية فرص العمل، والتفاوت في المهارات والتعليم، ولمعالجة هذه القضايا بشكل فعال؛ من الضروري إجراء دراسات بشكل مستمر لتشخيص وتقييم واقع سوق العمل.
واستعرض أبو زعيتر بعض الإحصائيات التي بينت أن معدل البطالة بين الشباب (19-29) سنة الخريجين من حملة شهادة الدبلوم المتوسط فأعلى بلغ حوالي 46%، بواقع 29% في الضفة الغربية مقابل 68% في قطاع غزة، وبلغ معدل البطالة بين المشاركين في القوى العاملة (15 سنة فأكثر) حوالي 25٪ في الربع الأول 2023، حيث بلغ هذا المعدل 46٪ في قطاع غزة مقارنة بـ 14٪ في الضفة الغربية وفق إحصائيات المركز الفلسطيني للإحصاء.
ومن جانبه، أكد حسام شحادة مدير المركز الثقافي في جمعية الثقافة والفكر الحر أن التحديات أمام المشاركة السياسية للشباب كثيرة ومن أهمها؛ الانقسام السياسي وصعوبة توحيد القوانين، والتعقيدات في العملية السياسية نتيجة تراكمات أكثر من 15 عام من الانقسام السياسي والتشريعي والحكومي.
كما أشار شحادة إلى أن الهوية الثقافية السياسية للشباب مفقودة وغياب الوعي بأهمية الممارسة السياسية الفاعلة وانعكاساتها على الحياة الاجتماعية وقلة الوعي بالعدالة الاجتماعية، وغياب الدور الثقافي في تشكيل الوعي الاجتماعي والسياسي باتجاه معالجة المشاكل والقوانين، وغياب دور الإعلام، وغياب التشكيلات الثقافية التي تبني هوية واستراتيجية للتفكير والنقد في الواقع الاقتصادي والاجتماعي؛ مما يؤثر على وضع الاستراتيجيات لحل المشكلات والانتقال الآمن والسليم للسلطة، وتعزيز صمود المجتمع.
واستعرض جهاد حجازي من المركز الثقافي في جمعية الثقافة والفكر الحر ورقة حقائق أعدها المركز حول "مشاركة الشباب السياسية على مستوى النقابات والبلديات" والتي جاء فيها أن بلديتان فقط من أصل 15 رؤساءها أعمارهم أقل من 35 عام، وبلديتان من أصل 15 بلدية أعمار رؤساءها ما بين 40 و46 عام، وبلغ عدد أعضاء المجلس البلدي في 14 بلدية، 136 عضو مجلس بلدي منهم فقط 25 أقل من 35 عام، وبلغت عدد الشباب في المناصب القيادية حوالي 23 من أصل 187 في 11 بلدية بنسبة 8.1%.
كما أشار حجازي لنتائج استطلاع رأي خلال العام 2022، أن حوالي 69.9% من الشباب يعتقد أن الانقسام السياسي انعكس على قدرة البلديات في إشراك الشباب وفي قراراتها، وحوالي 64% من الشباب يرى أنه لا يوجد ثقافة مجتمعية حول أهمية تنشئة الشباب على المشاركة في العمل البلدي والمحلي وصنع القرار، و83% من الشباب يرى أن الشباب يحتاجون للمزيد من الدعم المجتمعي لتعزيز الثقة بدورهم في المجتمع المحلي وتنمية قدراتهم في العمل البلدي.
ومن جهته، أشار الدكتور سامي عويضة مدير مركز غزة المجتمعي في برنامج غزة للصحة النفسية إلى غياب المفاهيم الصحيحة حول الصحة النفسية، وأن الواقع الذي يعيشه قطاع غزة نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المعقدة ونهج الاحتلال في إفقار المجتمع، أدى إلى حالة من استنزاف الوضع النفسي لمختلف شرائح المجتمع من السكان سواء من الأطفال والنساء والشباب.
كما أوضح عويضة أن معظم السكان في قطاع غزة يعانوا من ضغوطات نفسية مختلفة، ومعظم الاضطرابات النفسية تمثلت في مرض "الاكتئاب" والذي أثر على شريحة واسعة من الشباب والشابات، وقد تؤدي هذه الضغوطات إلى نتائج كارثية منها إقدام الشباب على الانتحار وتعاطي المخدرات، والإدمان على الإنترنت، وإهدار الوقت والجهد، وارتفاع معدل القلق لدى الشباب الذي يفقدهم الشغف والنشاط والقدرة على المشاركة الفاعلة في المجتمع، مؤكدا على ضرورة العمل من أجل الحد من هذا التدهور من خلال تبني خطط وبرامج تعمل على تحسين الوضع النفسي للشباب والمجتمع الفلسطيني ككل.
وفي ختام الورشة أكد المشاركون على أهمية وضع الخطط الوطنية والبرامج الدامجة للشباب، وتفعيل دور الشباب في المنظمات الأهلية والأطر الشبابية والمجالس المحلية والبلدية وحتى التشريعية، والعمل على دعم المبادرات الشبابية وتشجيعهم على تبني العمل الحر وريادة الأعمال وتمويل المشاريع الصغيرة لما لها من الأثر الكبير على تحقيق طموحاتهم.
كما طالبوا بضرورة وجود خطوات فاعلة من مختلف منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية والتشريعية والنقابية من أجل تمكين الشباب من الحصول على حقوقهم المختلفة، والعمل على وضع البرامج التي تهدف إلى تطوير مهاراتهم وقدراتهم، ووضع المشاريع التي تعمل على تقديم التسهيلات والدعم المالي للشباب لتمكينهم من تطوير مشاريعهم الصغيرة، وتشجيع الاستثمار في المشاريع الريادية، وعمل حملات ضغط ومناصرة للضغط على صناع القرار من أجل إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية وتوحيد التشريعات والقوانين.