اكدت ورشة العمل المتخصصة التي نظمتها شبكة المنظمات الاهلية الفلسطينية بالشراكة مع شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية في بيروت ان الاحتلال الاسرائيلي هو العائق الاول والاساس للوصول الى اعمال الحق في الصحة وتوطين هذا الحق بسبب الاجراءات والممارسات التي تقوم بها سلطات الاحتلال في الاراضي الفلسطينية، يليه الانقسام السياسي والجغرافي والاثار الناجمة عن استمراره، وحددت الورشة حكومة الاجراءات التي من شانها التأثير على هذا الحق سواء فيما يتعلق بالموازنات او التشريعات والانظمة المعمول بها كاحد الاسباب الهامة اضافة لغياب اللوائح والمدونات التي تكفل هذا الحق الذي يعتبر احد اهم الحقوق الانسانية بموجب المواثيق والقوانين الدولية، وهو ما يتطلب بحسب التوصيات العمل على موائمة القوانين المحلية مع الاتفاقيات التي انضمت اليها دولة فلسطين باعتباره حق اصيل بموجب العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما اوصت بمعالجة السياسات الناجمة عن الخطط الوطنية المتبعة في معظم الدول النامية وتاثير الليبرالية الجديدة، وتحكم العديد من الدول الكبرى في رسم السياسات الدولية التي من شانها الاجحاف بواقع الحقوق، والسيطرة على موارد الدول النامية والفقيرة، وتقديم الخدمات الطبية فيها، واكدت الورشة على ان الحق في الصحة يتعدى مسالة الحصول على العلاج والدواء، بل يشمل كافة مجالات الحياة ويتطلب الوصول لتكاملية العلاقة بين جميع الاطراف بما فيها الحكومية، والاهلية والقطاع الخاص اضافة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين من اجل الوصول لحوكمة النظام الصحي في فلسطين، ورفع درجة الاستجابة بما يتلائم مع حاجات المواطن من جهة ووضع الخطط العملية للوصول لتوطين الخدمة بما يشمل كافة المرافق والنواحي التي تهم المواطن الفلسطيني .
كما طالبت الورشة التي عقدت برام الله وغزة عبر تقنية التواصل المرئي "زوم" بمشاركة ممثلين عن 55 مؤسسة فلسطينية، وائتلاف اهلي ومؤسسات رسمية وحقوقية باهمية تخصيص الموازنات اللازمة للارتقاء بالقطاع الصحي، والعمل على معالجة النواقص في الخدمات الصحية سواء توفير الادوية للمرضى او التحويلات الطبية او التأمين الصحي للوصول للتغطية الصحية الشاملة بما يوفر العدالة خصوصا للمناطق المهمشة والمناطق "ج " الامر الذي يساهم في تعزيز حالة الصمود فوق الارض، والعمل على توزيع مرافق الرعاية الصحية في جميع المحافظات وصولا لجودة الخدمات والمخرجات في نظام صحي يرتكز على الحقوق ولا يقتصر فقط على تأمين الاحتياج على اهمية ذلك وفق معايير تكفل هذا الحق، وطالبت باهمية فحص التوجه لانشاء دائرة مستقلة للتامين الصحي الحكومي، ودليل ارشادي يشرح حقوق الموطن والبناء على حوار جدي يضم كافة المكونات في ايجاد السبل لمعالجة الحق في الصحة بما يكفل كرامة المواطن ويصون حقوقه .
وقدم الباحث الاكاديمي والمختص د.علي الشعار معد التقرير الوطني للحق في الصحة عرضا شاملا للجوانب المتعلقة به مبينا انه جزء من سلسلة تقارير على مستوى المنطقة العربية معتمدا منهجية التشاركية، والبناء على التقارير السابقة بما فيها التقرير الصادرة عن المؤسسات الحقوقية جرى خلاله تخصيص باب واسع للواقع القائم في الاراضي الفلسطينية المحتلة وخصوصية وجود الاحتلال وممارساته اليومية في كافة جوانب الحياة بما فيها منع حرية الحركة والتنقل، وكذلك احتجاز جثامين الشهداء والسياسات المتبعة بحق الاسرى وربط ذلك بعامل الانقسام الداخلي والتشريعات والقوانين في بيئة تتسم بعدم الاستقرار مشددا على ان التمتع بالحق في الصحة هو الاساس وليس الحد من وجود المرض بالمعنى الشمولي لهذا الحق، مشيرا الى الموازنات المخصصة للصحة والانفاق الحكومي وربط ذلك بالضرائب التي يدفعها المواطن وسلة الخدمات التي يتم الحصول عليها مؤكدا على اهمية وضع اليات الوطنية لتحيد القطاع الصحي عن اية خلافات سياسية وضمان حق الجميع في العلاج دون عوائق، وكذلك تعديل القوانين بما يحمي حقوق المواطن، كما طالب التقرير بالضغط لرفع الحصار عن قطاع غزة الذي يتسبب سنويا بتفاقم الوضع الانساني والصحي في القطاع، وزيادة عدد الوفيات الناجم عن هذا الحصار .
وكانت الورشة افتتحت بكلمة ترحيبية لرئيس اللجنة التنسيقية لشبكة المنظمات الاهلية الفلسطينية د.محمد العبوشي اكد خلالها على الزام دولة الاحتلال بالقوانين الدولية فيما يتعلق بتوفير الخدمات الصحية للشعب الواقع تحت الاحتلال بموجب هذه القوانين اضافة للمسؤولية التي تقع على كاهل السلطة الفلسطينية، وفي ذات الوقت عدم اعفاء القطاعات الاهلية والخاصة من مسؤوليتها ايضا، مشددا على اهمية ايلاء المزيد من الاهتمام للفئات المهمشة ومنها النساء، والاطفال، وكبار السن، والاشخاص ذوي الاعاقة، واعتبر ان عدم القدرة في الوصول الامن للمرافق الصحية والطبية بسبب الجدار العنصري المعازل، والحواجز الاحتلالية هو احد الاسباب الهامة التي تحول دون تلقي الخدمات الصحية ومنها صعوبة الوصول للمشافي في مدينة القدس المحتلة مشيرا الى اهمية توفر الخدمات الصحية وسهولة الوصول اليها، وتكلفتها القليلة هي في غاية الاهمية لتخفيف الاعباء على المواطن وضمان حقه الاصيل في الخدمات الصحية الاساسية .
فيما شددت ميساء بارود منسقة مشروع الراصد العربي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في شبكة المنظمات العربية غير الحكومية من بيروت في كلمتها عبر تقنية "زوم" على مسألة الحق في الصحة باعتبارها جزء اساس من تعزيز الحماية الاجتماعية، داعية ان تشكل هذه الورشة مرتكزا هاما لتعزيز الحوار، والبناء عليها لصياغة مفاهيم محددة تعكس اهمية العمل لتوطين الحق في الصحة خصوصا في الاراضي الفلسطينية المحتلة، واكدت ان الشبكة العربية تعمل من خلالها 35 مؤسسة في 12 دولة عربية وتاسست العام 2011 للمساهمة في رسم سياسات اقتصادية مغايرة على اساس الحقوق، وقدمت بارود عرضا للتقارير التي من المقرر اطلاقها خلال الفترة القريبة، ومن بينها هذا التقرير وهو السادس الذي يعنى بالحق في الصحة فيما تتناول التقارير الاخرى جوانب عديدة من الدول العربية التي يشملها التقارير .
وقدمت خلال الورشة مداخلات ومقترحات عديدة تناولت الجوانب المختلفة التي تهدف للوصول للحق في الصحة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني ومن المقرر استكمال النقاش لاعداد التقرير النهائي خلال الاسابيع القليلة القادمة من قبل المشاركين .