خلال مؤتمر نظمته الهيئة المستقلة،، مطالبات بتحييد الجامعات عن الصراعات السياسية وتمكين طلبة الجامعات من حقهم في إجراء الانتخابات

 

أوصى أكاديميون وحقوقيون وطلبة جامعات وممثلون عن أطر طلابية، بضرورة تحييد البيئة الجامعية عن الصراعات السياسية، لما لذلك من تأثير على واقع الجامعات وممارسة الحريات الأكاديمية فيها، وإعادة تفعيل المبادرات السابقة المتعلقة بإجراء الانتخابات وتوحيد فهم الأطر الطلابية للعملية الانتخابية، واستهداف طلبة الجامعات بالتوعية والتدريب بشأن حقوقهم وحريات الأكاديمية.

جاءت هذه التوصيات خلال مؤتمر نظمته الهيئة المستقلة في مدينة غزة، حول انتخابات مجالس طلبة الجامعات من منظور حقوق الإنسان، لمناقشة سبل تنظيم انتخابات مجالس الطلبة في جامعات قطاع غزة، واستعراض تجارب مجالس الانتخابات السابقة في الجامعات، لتمكين الطلبة من ممارسة حقهم في المشاركة السياسية.

واقع الحريات الأكاديمية في قطاع غزة

وفي جلسته الأولى التي أدارتها د. سامية الغصين، أستاذة القانون الدولي، تناول المؤتمر واقع الحريات الأكاديمية في قطاع غزة، والمعايير الدولية والوطنية الناظمة لهذا الحق، حيث أشار الأستاذ حمدي شقورة نائب رئيس مجلس إدارة المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إلى ما تضمنه العهد الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية، في المادة 13  التي أكدت على حق الأفراد في التربية والتعليم والجهود لتضمين الحرية الأكاديمية التي جاءت في التعليق رقم 13 والذي يعد المرجع الأساسي في إطار تحديد مفهوم الحرية الاكاديمية، مؤكداً أنه ا لا يمكن التمتع بالحق في التعليم بدون الحرية الاكاديمية، وذلك في إطار استقلال المؤسسة التعليمية، لافتاً إلى تقرير المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير للعام2020 ، الذي يعد وثيقة مهمة تم تكريسه للتعريف بالانتهاكات التي تطال حرية الرأي والتعبير.

أما فيما يتعلق بالحريات الأكاديمية وفق المعايير الوطنية، تحدثت المحامية ميرفت النحال، مديرة الوحدة القانونية في مركز الميزان لحقوق الإنسان، مؤكدة أن الحريات الأكاديمية من أسس التطور في التعليم العالي واستقلالية الجامعات هي حجر الأساس لذلك، واستعرضت أنماط الانتهاكات التي تتعرض لها الحريات الأكاديمية ومن أبرزها تأثيرات الانقسام الداخلي على واقع الجامعات، والصراع السياسي بين الكتل الطلابية، والتضييقات التي تمارسها إدارات بعض الجامعات على حرية نشاط الكتل الطلابية، وغياب مبدأ التمثيل النسبي في الجامعات. وأشارت إلى أن القانون الأساسي نص في المادة 24 على أن القانون يكفل استقلالية الجامعات والمعاهد العليا ومراكز البحث العلمي، موضحة أن القوانين المحلية أسست للحريات الأكاديمية حيث نص قانون التعليم العالي رقم 11 لسنة 1998 في المادة 3 على تمتع مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث العلمي بالاستقلالية، كما نصت المادة 4 في الفقرة 8 على أن أحد أهداف التعليم العالي هو الإسهام في تقديم العلم وصون الحريات الأكاديمية ونزاهة البحث العلم وبناء الدولة على أسس تضمن سيادة القانون واحترام الحقوق والحريات العامة.

من جانبه بين الكاتب والناشط النقابي شفيق التلولي في تشخيصه لواقع الحريات الأكاديمية أن الحركة الطلابية شهدت حالة من الانقسامات منذ النشاة وحتى اليوم، والحريات ليست مطلقة وإنما نسبية فلا يوجد غياب كامل لها، لكنها آنية ترتبط بالإيقاع السياسي والأمني الذي يضبط الحالة الميدانية في الجامعات، وهناك حالة استسلام للمرجعيات السياسية للأطر الطلابية في الجامعات حيث تتماهى مع الأطر السياسية.

وطالب بضرورة إعادة تفعيل المبادرات التي لم تنجح في إجراء الانتخابات، حيث سبق وأن تم تنفيذ مبادرات للتوافق واجراء الانتخابات ومرت بمخاض كبير من 2008 حتى 2016 في محاولة للتوصل إلى صيغ تفاهم لكنها لم تنجح وهذا إخفاق كبير في ظل واقع الانقسام بحيث لا يمكن عزل الجامعات عن ملف الانقسام. مشدداً على ضرورة ان تعمل المناهج الدراسية على تعزيز قيم الديمقراطية، وإعطاء الفرصة للطلبة لممارسة الحياة الديمقراطية في جامعاتهم، ووقف التدخل في حرم الجامعة وتوفير حماية وفق القانون، وإعادة تفعيل الاتحاد العام للطلبة الفلسطينيين.

واقع الحريات الأكاديمية في جامعات قطاع غزة

أما الجلسة الثانية للمؤتمر، فقد تطرق خلالها المتحدثون إلى بعض من تجارب مجالس الطلبة في قطاع غزة، أدراتها الأستاذة سحر ياغي رئيس جمعية الدراسات النسوية التنموية الفلسطينة، مبينة الأثر الإيجابي الكبير الذي ينعكس على الطلبة في حال تمكينهم من إجراء الانتخابات وإشاعة جو من الديمقراطية في الجامعات.

وأكد الدكتور ناصر أبو العطا، عميد شؤون الطلبة في جامعة الأقصى، أنه لا مبرر لتعطيل انتخابات مجالس الطلبة، فمنذ العام 2006 لم تحدث انتخابات في الجامعات سواء للعاملين في جامعة الأقصى أو المجالس الطلابية، على الرغم من أهمية الانتخابات، متحدثاً عن تجربة جامعته الحكومية التي تضم 27 ألف طالب من كافة الأطياف السياسية، في إحياء الحريات الأكاديمية وعدم تعطيلها على الرغم من حالة الانقسام، مبيناً أن جميع الأطر ممثلة في الإطار التنسيقي لجامعة الأقصى، وتتبنى الجامعة قضاياهم وهمومهم وتلتزم دون تمييز لجميع الأطراف بتنفيذ أنشطتهم خاصة بعد فك قرار تجميد أنشطة الأطر الطلابية، بالإضافة إلى المشاركة في إحياء المناسبات الوطنية على اختلافها.

ولفت إلى أن العامل الحاسم لإجراء الانتخابات في الجامعات الفلسطينية هو تطور وعي الطلبة لحاجتهم لإطار يمثلهم في الجامعات وفق القانون، وهذا يتطلب من مرجعيات الأطر الطلابية أن تكون دافعة للاتفاق على موعد وآلية لإجراء الانتخابات، مع ضرورة توافر الضمانات التي تضمن سير الانتخابات، وأهمية وجود مؤسسات حقوق الإنسان للرقابة على العملية الانتخابية.

من جهته، أوضح الدكتور محمود الحمضيات، عميد شؤون الطلبة في جامعة غزة أن جامعة غزة كجامعة خاصة لا يدرس فيها أعددا كبيرة من الطلبة، تفعل عمل الأندية للكليات بعيداً عن السياسة، ورغم أن بعضها قد يكون معطلاً، إلا أنها تعد ظاهرة لتمثيل الطلبة، مؤكداً أن الانتخابات حق يجب أن يكون مكفولا، تعكس تنور هذا الشعب وهو بحاجة لمن يقوده الى بر السلام، وهي ليست غاية وانما وسيلة للوصول للحرية

وأضاف، بخصوص جامعاتنا هناك حريات أكاديمية مرجعها الشخص وليس الجامعة، وتعتمد على الأفراد بما يشمل الهيئة التدريسية والعاملين الإداريين والطلاب، وهناك إشكاليات كبيرة يعاني منها الطلبة تستدعي وجود مجالس طلابية للوقوف عليها وتمكين الطلبة من التعليم فقد حرم عدد كبير من طلبتنا من التعليم الجامعي بسبب الرسوم والوضع الاقتصادي الصعب. مشدداً على أهمية الوعي الانتخابي الذي يجب أن يبدأ منذ الطفولة وصولا للشباب في الجامعات، ولم يتوقع أن يتم إجراء انتخابات في الجامعات خلال العام القادم نظرا لعدم وجود بيئة مواتية، يغلب عليها التأطير السياسي. مؤكداً أن الحل يكمن بالإرادة، وعلى مؤسسات حقوق الإنسان دور في إنهاء الانقسام، وعلى الشعب الفلسطيني بكل شرائحه أن يتمرد لإنهاء الانقسام.

وفي مداخلته أشار المحامي جميل سرحان، نائب مدير عام الهيئة لقطاع غزة أن الجامعات من أبرز ضحايا الانقسام، مؤكداً أن الفهم الواسع للحريات الأكاديمية يبنى على قاعدة أن ممارستها في الجامعات ليست عملا مطلبيا طلابيا، وإنما هي فضاء يمارس فيه الشباب حقهم في مجالات واسعة في حرية الرأي والتعبير، وهذا  كله له معنى وطني ومدخل قوي لتكوين الشخصيات وصقلها لممارسة النضال ضد الاحتلال، وبالتالي فهي مطلب عام لابد منه ولا تقدم بدونه، وتلك هي النظرة العميقة للانتخابات بشكلها الوطني الفلسطيني.

وأشار إلى أننا نشهد تقدماً في مقومات البيئة العامة السليمة لإجراء الانتخابات، مع وجود تحفظات على النظام الخاص بالانتخابات، إلا أن المشكلة تكمن في الإرادة السياسية وعدم وجود قرار بإجراء انتخابات طلابية. مؤكداً أن الهيئة ستواصل عملها في ملف الحريات الأكاديمية مع الجهات الساسية الحاكمة ورؤساء الجامعات والكتل الطلابية، ولابد من نضال مطلبي سلمي لاجراء الانتخابات معالجات وتدخلات سلمية وفق أنظمة الجامعة وقانون الاجتماعات العامة، للضغط باتجاه إجراء الانتخابات.

الانتخابات مطلب واستحقاق قانوني

ومن جانبه أوضح المحامي حازم هنية، منسق دائرة الرقابة على السياسات والتشريعات في الهيئة ، أن تكرار الأنشطة المتعلقة بالحريات الأكاديمية عملية مركزية ضمن خطط عمل الهيئة، هدفها إثارة الموضوع باستمرار، مبيناً استمرا العمل خلال العام 2023 بشكل مكثف على هذا الملف للوصول إلى تحقيق نتيجة عبر مجموعة من آليات العمل عبر إدارات الجامعات والأطر الطلابية.

معرباً عن أسفه لعدم استجابة عدد من الجامعات للمشاركة في هذا المؤتمر، لتغليب الاعتبارات الشخصية والفصائلية، مؤكداً ضرورة الالتزام بما ورد في القانون الأساسي الفلسطيني وقانون التعليم العالي بأن الانتخابات مطلب واستحقاق قانوني، يجب تكاتف كل الجهود من أجل إجرائها.

نتائج وتوصيات

وخلص المؤتمر إلى جملة من التوصيات، قدمها المحامي هنية، ومن أبرزها:

  • تحييد البيئة الجامعية عن الصراعات السياسية، لما لذلك من تأثير على واقع الجامعات وممارسة الحريات الأكاديمية فيها.
  • إعادة تفعيل المبادرات السابقة المتعلقة بإجراء الانتخابات وتوحيد فهم الأطر الطلابية للعملية الانتخابية.
  • استهداف طلبة الجامعات بالتوعية والتدريب بشأن حقوقهم وحريات الأكاديمية.
  • تفعيل قوانين الجامعات الحكومية، والعمل على استقلالية الجامعات عن أي منظومة سياسية.
  • إعادة تفعيل الاتحاد العام لطلبة فلسطين وانتخابه بشكل حقيقي لتمثيل العمل الطلابي.
  • عقد انتخابات مجالس طلبة الجامعات في قطاع غزة على أسس وقواعد من الحرية للأطر الطلابية كافة.

 

اشترك في القائمة البريدية