المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يعقد مؤتمراً بعنوان" حق المرأة في الحياة بين النص والتطبيق"

نظم المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان مؤتمراً بعنوان: "حق المرأة في الحياة بين النص والتطبيق"، وشارك فيه قضاة ووكلاء نيابة وممثلين عن أجهزة الشرطة ونقابة المحامين الفلسطينيين ومؤسسات المجتمع المدني. يأتي هذا المؤتمر كخطوة من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان لحماية حق المرأة في الحياة، بالشراكة مع جمعية القدس للتضامن مع شعوب العالم العربي والحكومة الأندلسية " برنامج التعاون الدولي"

افتتحت المؤتمر منى الشوا، مديرة وحدة المرأة في المركز الفلسطيني، وأشارت الى أنه يأتي مع اقتراب إطلاق حملة 16 يوم لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، وهي الحملة الدولية الهادفة لرفع الوعي تجاه قضية العنف في الفترة ما بين 25 نوفمبر و10 ديسمبر، بهدف المطالبة بتوفير الحماية للنساء والفتيات من العنف.

في الجلسة الأولى، التي أدارتها أ. نادية أبو نحلة-عضو مجلس إدارة المركز، عرضت آية الوكيل، الباحثة القانونية في المركز الفلسطيني، "ورقة حقائق حول "قتل النساء في قطاع غزة"، أشارت فيها أن جريمة قتل النساء في المجتمع الفلسطيني تشكل خطراً يهدد النسيج المجتمعي، وأن الإشكاليات التي تحول دون منع جريمة قتل النساء في قطاع غزة تتمثل في انعدام التشريعات التي تحمي المرأة من العنف وخاصة العنف المنزلي، وفي قصور التشريعات المقرة ومنها قانون الإجراءات الجزائية وقانون الصلح الجزائي. وكذلك استخدام أجهزة العدالة الجنائية آليات بديلة لتسوية النزاعات مثل الصلح العشائري بهدف تقليل تراكم القضايا وسرعة البث فيها، غير أنه ومن خلال الواقع العملي أثير الكثير من الإشكاليات بشأن فعاليتها، ومخاطر التمييز ضد المرأة خلالها. وأضافت الوكيل أن عائق الوصول الى العدالة يشكل سبباً رئيسياً أمام جرائم قتل النساء ومقاضاة مرتكبيها على نحو فعال، ويعود ذلك الى عدد من العوامل منها نقص المعلومات لدى الضحايا عن حقوقهن وعن الإجراءات المتبعة، كذلك الوصم والخوف من الانتقام، واستمرار القوالب النمطية والتمييزية من جانب أفراد المجتمع ومسئولي العدالة الجنائية.

وبدوره تناول الأستاذ أمجد الأغا، المدير العام للشؤون القانونية في المجلس التشريعي، في مداخلته عن الإطار القانوني الناظم لجرائم قتل النساء في التشريع الفلسطيني، أن فلسطين ورثت تركة قانونية متعددة المرجعيات منذ الانتداب البريطاني، ولم يتم حتى الآن تعديل العديد من قوانينها ومنها قانون العقوبات.  وذكر الأغا بعض المرجعيات القانونية الوطنية الخاصة بقتل النساء، منها نص المادة (32) من القانوني الأساسي المعدل لسنة 2003، ونص المادتين (215) و(216) من قانون العقوبات رقم 74 لسنة 1936 وتعديلاته المطبق في قطاع غزة، وقانون الصلح الجزائي لسنة 2017.  وأضاف أن التحديات والعقبات القانونية في تحصين المرأة من جرائم القتل تعود لقصور الإطار القانوني وإشكاليات الموروث الاجتماعي. وطالب بضرورة إجراء تعديلات قانون العقوبات الحالي لاستبعاد النصوص القانونية التي تمنح الجهات القضائية سلطات تقديرية واسعة للتخفيف عن مرتكب جريمة القتل بحق المرأة.

وفي الجلسة الثانية، التي أدارها أ. إبراهيم الصوراني، محامي في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، قدم المستشار صلاح الدريوي، رئيس المكتب الفني بالنيابة العامة، ورقته عن الإجراءات القانونية المتبعة في شكاوى قتل النساء وآليات حماية النساء، المهددات بالقتل. كما تحدث عن دور النيابة العامة في التعامل مع مثل هذه القضايا، ومن ثم عرض إحصائيات جرائم القتل وسلط الضوء على إحصائيات جرائم قتل النساء بشكل خاص. وأضاف أن معدل الجريمة ضد المرأة في قطاع غزة قياساً بالمجتمعات الأخرى أقل بكثير، مما يدلل على الوعي لدى المجتمع في قطاع غزة بحقوق المرأة، واحترامه له. وأكد الدريوي على أن جرائم قتل النساء أو الاعتداء عليهن يشكل خطراً كبيراً يهدد النسيج المجتمعي الفلسطيني، مما يتطلب من الجميع الوقوف أمام هذه الجرائم والقضاء عليها بشتى الوسائل المشروعة.

ومن جهته قدم المستشار أشرف نصر الله الأمين، العام للمجلس الأعلى للقضاء، ورقة عن موقف القضاء الفلسطيني من قضايا القتل بحق النساء.  وذكر بأن القضاء الفلسطيني في نظره للقضايا التي تعرض عليه يحكم وفقاً للنصوص القانونية الواجبة التطبيق على الواقعة دون التفرقة بين الأطراف على أساس العرق أو الجنس أو اللون. وأكد نصر الله أن الجميع متساوين أمام القضاء الفلسطيني الذي يراعي الظروف المخففة والمشددة المحيطة بالجريمة سواء كان مرتكب الجريمة امرأة ام رجل. وأضاف بأن جريمة القتل على خلفية الشرف من الجرائم الخطيرة التي يرتكبها بعض أفراد المجتمع الفلسطيني، متخذاً من الشرف ذريعة للإفلات من العقاب، إلا أنه في حال ثبوت دافع الشرف تخفف المحكمة الحكم ضمن صلاحياتها، بينما في حال عدم ثبوت دافع الشرف فإنه يتم إيقاع أشد العقوبات عليه، وذكر بعض الأحكام المشددة الصادرة عن القضاء في قطاع غزة لجرائم قتل كان المجني عليهن من النساء.

وفي اختتام أعمال المؤتمر فُتح نقاش موسع وأكد المشاركون على ما يلي:

  • إن جرائم قتل النساء بكافة أشكالها تشكل تهديد للأمن والسلم المجتمعي.
  • تعزيز ثقافة احترام القانون والاحتكام إليه، وتحذير المواطنين من أخذ الحق بأيديهم لأن ذلك يفقد السلطة هيبتها.
  • ضرورة تشديد العقوبات المقضي بها بشأن جرائم القتل، وعدم اعتبار دافع الشرف ظرفاً مخففاً للحكم.
  • استثناء جرائم قتل النساء من قانون الصلح الجزائي.
  • مراجعة الإطار القانوني الإجرائي والحد من التعقيدات التي تحول دون لجوء النساء المعنفات لتقديم الشكوى ومقاضاة المعتدي.
  • ضرورة تعزيز دور الشرطة المجتمعية في مناهضة العنف ضد المرأة.
  • ضرورة دعم بيوت الأمان وتوفير موازنات لتحسين نوعية الخدمة المقدمة للنساء المعنفات وتطوير كادر العمل.

 

 

اشترك في القائمة البريدية