خلال ورشة عمل نظمتها شبكة المنظمات الأهلية: "التاكيد على ضرورة وضع استراتجية متكاملة للحماية الاجتماعية وتوفير السكن الملائم في قطاع غزة "

 

ناقش ممثلو منظمات أهلية ودولية ومؤسسات القطاع الخاص وخبراء سبل تعزيز العمل المشترك من أجل تحقيق الحماية الاجتماعية وكذلك توفير السكن المناسب بخاصة للفئات الأكثر تهميشاً في ظل الزيادة السكانية المتسارعة في قطاع غزة .

وأكدوا أن الاحتلال الاسرائيلي من خلال انتهاكاته المتواصلة بحق شعبنا من حصار خانق وحروب يشكل السبب الرئيس لأزمات شعبنا المتواصلة بما في ذلك تدهو الواقع الاقتصادي والإنساني والاجتماعي مشيرين إلى تأثيرات الانقسام القاسية على قدرة المواطنين على الصمود في مواجهة التحديات التي يفرضها الاحتلال.

جاء ذلك خلال ورشة العمل التي نظمتها شبكة المنظمات الأهلية بعنوان "واقع الحماية الاجتماعية والحق في السكن في قطاع غزة"، ضمن مشروع "تعزيز قدرات المجتمع المدني للاستجابة للاحتياجات الناتجة عن النمو السكاني المتسارع في قطاع غزة"، بالشراكة مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية.

ودعا المشاركون إلى تعزيز التشبيك والتواصل الفعال مع كافة المؤسسات الرسمية والاهلية والقطاع الخاص لتنسيق العمل والتكامل بالأدوار والاندماج ضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر والعوز، والعمل على تفعيل قانون عادل للضمان الاجتماعي.

كما أكدوا على أهمية الاعتماد على البناء الرأسي متعدد الطوابق، كأحد الحلول لأزمة السكن وللحفاظ على المساحة المحدودة للأرض، مع مراعاة التوازن بين الاستخدامات المختلفة للأرض لإيجاد بيئة سكنية مستدامة ومتوازنة.

وفي كلمته قال مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا أن قطاع غزة يعاني من أزمة سكن حادة، وقد تفاقمت هذه الأزمة بعد الحصار والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة خلال الفترة (2008-2021). وتبرز خطورة الوضع الراهن والمستقبلي في العجز المتراكم من الوحدات السكنية، والخدمات والمرافق والوظائف ورفع مستوى المعيشة، وتحسين نوعية الحياة مما يشكل أبعاداً خطيرة على مستقبل سكان قطاع غزة.

وأشار الشوا إلى أن النمو السكاني والعمراني في القطاع لم يصاحبه تخطيط مماثل وموازٍ، وخطط تنموية شاملة لسد الفجوة من الاحتياجات المختلفة للسكان؛ مما أدى إلى تداعيات سلبية على البيئة الحضرية.

وأوضح الشوا أن واقع الحماية الاجتماعية في فلسطين يشكِّل خصوصية تختلف عن الكثير من المجتمعات لارتباطه بظروف تتعلق بالاحتلال والتهجير والتشتيت والأزمات المتلاحقة، وما ترتب عليها من فقر وعوز وحاجة وبطالة وتشريد، مؤكداً على ضرورة تعزيز صمود المواطن، وتوفير سبل الحماية الاجتماعية وتحليل الإشكاليات والمعيقات ومواجهة التحدّيات على مستوى المكونات للحماية الاجتماعية.

بدوره، قال مدير البرامج في مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية د. أسامة عنتر "إن قطاع الإسكان في قطاع غزة يعاني من عجز كبير في الوحدات السكنية المطلوبة لمواجهة الزيادة الطبيعية في عدد السكان، خاصة وأن هناك العديد من الوحدات السكنية المأهولة حالياً في قطاع غزة تفتقر إلى المتطلبات الدنيا للسكن اللائق، إضافة إلى وجود أكثر من ألفي وحدة سكنية تم تدميرها خلال الاعتداءات المتلاحقة لم يتم إعادة إعمارها حتى الآن."

وأشار عنتر إلى أن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة تستمر بالتدهور بوتيرة تنذر بالخطر في أعقاب ضعف القطاعات الإنتاجية والخدمات الاجتماعية الأساسية والبنية التحتية، الأمر الذي يستدعي التوجه لتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية لمواجهة ومعالجة الإشكاليات الناتجة عن الفقر والبطالة وتطوير الخدمات المقدمة للفقراء والمهمشين والضعفاء والفئات الهشة، والعمال ومحدودي الدخل.

وفي ورقته بعنوان "واقع الحماية الاجتماعية في قطاع غزة" استعرض الباحث د. سلامة أبو زعيتر مفهوم الحماية الاجتماعية وواقعها في القطاع، كما تطرق لأهم الإشكاليات والمعيقات والتحدّيات للحماية الاجتماعية في فلسطين.

وأشار أبو زعيتر إلى أن الحماية الاجتماعية تشكل مدخلاً أساسياً ورئيسياً لتعزيز بقاء واستمرارية وصمود الشعب الفلسطيني وخاصة الفقراء والعمال والفئات الضعيفة والهشة والمهشمة، حيث تعرّض الشعب الفلسطيني للاحتلال الذي يمارس التهجير والعدوان والحروب والحصار، وخلّفَت اعتداءاته العديد من عوائل الشهداء والمصابين، والأرامل، والفقر، والبطالة...، وغيرها من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وتدنى الدخل وتوغل الفقر، إضافة إلى هشاشة القطاع الخاص الفلسطيني، وكل هذه الأسباب أدت إلى تقويض الحق في الحماية والسكن وهو حقّ ضمنته الشرائع والقوانين الدولية، ولذلك هناك ضرورة لإنشاء برامج ومؤسسات الحماية الاجتماعية، بهدف حماية المواطن من المخاطر وتداعياتها، ومساعدته في تلبية متطلبات الحياة له ولأسرته، ومساندته بتوفير التأمينات لتعزيز صموده.

أن الخدمات التي يقدمها كافة الفاعلين في قطاع الحماية الاجتماعية لا ترتقي لحجم المشكلة، ولأدنى معايير وجودة الخدمات من منظور المعايير الإقليمية والدولية، وجميع هذه التدخلات غير كافية لسدّ الاحتياجات الأساسية لمكافحة الفقر وتوفير الحماية المجتمعية، والفجوة تتسع عاماً بعد عام بسبب تقليص التمويل وازدياد نسب الفقر والهشاشة المجتمعية، الأمر الذي يستدعي إعادة دراسة واقع الحماية الاجتماعية في قطاع غزة والوقوف على التحدّيات والصعوبات والإشكاليات بهدف تطوير سبلها والارتقاء بالبرامج وتطوير الخدمات لتعزيز صمود المواطن وتقديم المساعدة له على قاعدة التكافل والعدالة والإنصاف والاستمرارية لضمان توفير سبل العيش الكريم له ولأسرته.

وطالب أبو زعيتر بضرورة تكاثف وتضافر الجهود الحكومية والشركاء الاجتماعيين والمؤسسات الاهلية والتنسيق مع باقي الأطراف من أجل إنشاء نظام موحد وشامل يستجيب لحاجات الفئات الاجتماعية مع ضرورة مراعاة مصالحها وأخذها بعين الاعتبار في مجمل السياسات الاجتماعية والاقتصادية، والوقوف أمام الزيادة السكانية واتساع شريحة الفقراء والعاطلين عن العمل.

وقدّم مقترحات لتعزيز عمل منظومة الحماية وتوسيع نطاق التغطية وتحسين جودة الأداء، ووضع خارطة طريق لتعزيز مساهمات المنظمات الأهلية لتفعيل نظم الحماية الاجتماعية وتطويرها على مستوى محافظات غزة.

ورقته بعنوان "واقع الإسكان في قطاع غزة" أشار الباحث محمد سكيك إلى أن الزيادة السكانية تفاقم من مشكلات قطاع غزة (البنية التحتية، الخدمات، الفقر، البطالة، المياه...)، ونظرا لسياق الهشاشة والانكشاف لا يجري الاستفادة كما يجب من العنصر البشري (بل أصبح عبئا على التنمية)

وأكد سكيك على أن صغر مساحة القطاع مع ضعف الموارد الطبيعية والزيادة السكانية ينذر بكارثة على عدة أصعدة كالتعليم والصحة والبنية التحتية. كما أن نصف سكان قطاع غزة من الأطفال وتقل أعمارهم ‏عن 15 عاماً. ويعد هؤلاء غير منتجين في المجتمع وتزيد احتياجاتهم الاستهلاكية ‏ما يزيد معدل عبء الإعالة على القطاع المنتج. وإذا أُضيف الانقسام، والحصار وانخفاض النمو الاقتصادي وصعوبة التخطيط المستقبلي يمكن إدراك حجم الكارثة!

وبين أن الاحتياج السنوي من الوحدات السكنية مقابل الزيادة السكانية الطبيعية لا يقل عن 15 ألف وحدة سكنية، مطالباً بضرورة تطبيق التوسع العمراني الذكي بديلاً عن التوسع العمراني العشوائي وتحويل المدن القائمة إلى مدن ذكية، والاعتماد بشكل أساسي على السكن قليل التكلفة لإسكان الأزواج الشابة والأسر ذات الدخل المحدود والمتوسط.

كذلك لزيادة المخصصات المالية من موازنة السلطة، ودعم قطاع التمويل الإسكاني، وتشجيع الاستثمار، وتوفير الدعم الدولي، وإعادة النظر في أنظمة البلديات المتعلقة بتقسيمات قطع الأراضي، والعمل على تقليل مساحة القطع، واعتماد الحد الأدنى للمعايير الإسكانية، لتقليل تكلفة بناء المساكن، ولجعلها في متناول الأسر الأكثر تضرراً، وهي الأسر محدودة الدخل ومتوسطة الدخل، والتي تشكل النسبة الأكبر في القطاع.

ومن ناحيتهم قدم المشاركون في الورشة العديد من الملاحظات والتوصيات من أجل تطوير قطاع الإسكان ودعم برامج الحماية الاجتماعية في فلسطين عامة وفي قطاع غزة خاصة.

وأكدوا على ضرورة وضع استراتيجية ناجحة تتضمن تشكيل هيئة وطنية للحماية الاجتماعية خاصة المتعلقة بالمساعدات والبرامج الإغاثية بين كافة الشركاء، لتشرف على رسم السياسات وتوحد وتنسق العمل وتنظمه لتعزيز العدالة بين كافة المنتفعين والمستفيدين من الفئات المستهدفة والمتضررين.

ودعوا إلى تطوير سبل التواصل والاتصال من خلال إدخال التطور التكنولوجي والرقمنة في تنظيم وتنفيذ البرامج الخاصة بالحماية الاجتماعية، وإيجاد تمويل منظم لمساعدة المؤسسات في القيام بدورها وتمكينها من لعب دور فعّال في تطوير خطط الحماية الاجتماعية وخاصةً قانون عادل للضمان الاجتماعي كونه يُبنى على مساهمات المشتركين.

 

اشترك في القائمة البريدية