اليونسكو ومركز "شمس" ينظمان يوماً دراسياً حول التغطية الإعلامية الحساسة للنوع الاجتماعي

 

رام الله: نظم مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة" اليونسكو يوماً دراسياً حول التغطية الإعلامية الحساسة للنوع الاجتماعي، حضره ممثلي المؤسسات الإعلامية الرسمية والأهلية والخاصة (الصحف، التلفزيونات، الإذاعات، الوكالات الإخبارية)، دوائر العلاقات العامة والإعلام في المؤسسات الرسمية والأهلية، دوائر الإعلام في الجامعات والكليات، بالإضافة إلى مجموعة من الصحفيين/ات والإعلاميين/ات.

وتناول اليوم الدراسي الذي أداره كل من لمياء شلالدة وأدهم مناصرة معايير صناعة المحتوى الإعلامي المراعي للنوع الاجتماعي والداعم للنساء، ودور الإعلام الفلسطيني والإعلاميين/ات في تمكين النساء على مستوى السياسات والممارسات وبيئة العمل: الدور الفعلي والمطلوب، بالإضافة إلى عروض تجارب ذاتية للإعلاميين\ات المشاركين\ات والعنف القائم على النوع الاجتماعي: ضحايا ومناهضين.

بدورها افتتحت المدير التنفيذي لمركز "شمس" أمل الفقيه اليوم الدراسي مرحبة بالحضور، ومؤكدة على أهمية تمكين النساء وتعزيز الاستجابة لمفاهيم النوع الاجتماعي، وموضحة رؤية المركز التي تتمثل في "مجتمع فلسطيني ديمقراطي قائم على احترام حقوق الإنسان والنساء والحريات العامة والخاصة والمكافحة من أجلها"، ولتحقيق ذلك يقوم المركز بتنفيذ مشروع (الضغط والمناصرة وبناء القدرات من أجل تغطية إعلامية حساسة للنوع الاجتماعي)، الذي يهدف إلى توجيه السياسات الإعلامية، والدفع باتجاه خطاب إعلامي جندري، وتفعيل مشاركة النساء الإعلاميات في صنع القرار، وضمان احترام التقارير الإعلامية حول العنف ضد المرأة، وإبراز قصص الناجيات كمناصرات للتغيير الإيجابي.

مضيفة أن تحقيق ذلك يتم من خلال مجموعة من أنشطة بناء القدرات والتوعية والتثقيف وجلسات الحوار مع الإعلاميين والمؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي بالأسباب الجذرية لعدم المساواة بين الجنسين، ولزيادة الوعي بالعنف القائم على النوع الاجتماعي، وكيفية إنتاج مواد وتقارير تراعي النوع الاجتماعي، والعمل على تبني سياسات في بيئة العمل الإعلامي داعمة للصحفيات وللنساء، والنظر إلى المحتوى الإعلامي من منظور يراعي النوع الاجتماعي، وامتلاك الوعي الكافي بالثقافة المحيطة والخارجية والسياق الخاص الذي يعملون فيه لأوضاع النساء في الوقت نفسه، وتغيير المحتوى الإعلامي بحيث يكون مشجعاً للمنظور الجندري، ومنضبط به ومحفزاً للمساواة بين الجنسين، وداعماً للنساء، ومدافعاً عن حقوقهن، ومهني وحساس، ومستجيب في تغطية قضاياهن بما يشمل العنف المبني على النوع الاجتماعي من جهة، والترويج للمحتوى الإعلامي ضمن رؤية جندرية تبتعد عن كافة أشكال التمييز القائمة على أساس الجنس من جهة أخرى.

بدورها، قالت منسقة الإعلام والتواصل في مكتب "اليونسكو" في رام الله هلا طنوس إن العدالة بين الجنسين والمساواة أمام القانون غير موجودة في الدول العربية، فالقوانين أغلبها لا تساوي وتميز بين الجنسين، منوهة إلى أن صعوبة الحصول على المعلومات تؤثر على ذلك. وأن من الضروري تعزيز التواصل بين الأمن والصحفيين، لتوصيل صورة وصوت المرأة، وتوثيق الاعتداءات والعنف وضد المرأة بالصورة الصحيحة.

من جانها تحدثت لبنى الأشقر من قسم الإعلام في طاقم شؤون المرأة عن معايير صناعة المحتوى الإعلامي المراعي للنوع الاجتماعي والداعم للنساء، مبينة أن الإعلام لعب دوراً حيوياً في تشكيل تصورات العنف ضد النساء والفتيات وتأثيره وحقوق المرأة بشكل عام، حيث أن في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، تفرع هذا العنف إلى ساحات جديدة، ليشمل التنمر والمضايقة عبر شبكة الإنترنت، لذلك تتطلب الأشكال الجديدة من العنف لغة ومقاربات جديدة لمعالجتها بشكل فعال، وفي هذا السياق يلعب الصحفيون دورا مهما ليس فقط في زيادة الوعي حول العنف ضد المرأة، لكن أيضا في تحدي التقاليد والمواقف والصور النمطية السلبية.

مضيفة أن ثقافة إخفاء العنف داخل المجتمع العائلي المعقد، والتفسيرات الدينية الخاطئة في التغطية الإعلامية الفلسطينية تساهم في ديمومة ما يسمى بالخطاب التقليدي، الذي يبرر العنف ضد النساء، وقلة الوعي بين بعض الصحفيين حول حقوق المرأة والعنف الأسري، على الرغم من أن بعض وسائل الإعلام كانت قد أظهرت دوراً بارزًا في الآونة الأخيرة في مجال مناصرة قضايا المرأة، وأثبتت أنها كانت شريكًا أساسيًا في الضغط على صناع القرار لإلغاء وتعديل القوانين المجحفة بحق النساء وإقرار قوانين حمائية أخرى مثل قانون حماية الاسرة من العنف وقانون العقوبات، إلّا أن تغطية قضايا النساء في الإعلام بقيت رهينة مراحل ظرفية غير مرتبطة ببعد مؤسساتي يحدّد المبادئ الأخلاقية الواجب إتباعها، ويضع حقوق الإنسان في سلم أولويات المؤسسة الإعلامية.

من جانبه، تحدث الصحفي صالح مشارقة عن دور الإعلام الفلسطيني والإعلاميين/ات في تمكين النساء على مستوى السياسات العامة والممارسات وبيئة العمل، والدور الفعلي المطلوب، موضحا أن دور الجامعات متأخر، إذ إن الخطط الدراسية غير جندرية، والمحاضرون والطلبة محافظون، والمناهج المدرسية لا تخضع لفكرة النوع الاجتماعي. وتطرق إلى دور مؤسسات التدريب في تعميق "الجندر" الأكاديمي في مهارات المتدربين، وإعطاء تدريبات تمكين للزميلات للتحول إلى الإعلام الرقمي، والبحث عن نسوية محلية عند المتدربين، مؤكداً على دور غرفة الأخبار، في إيجاد مراصد تدقیق جندري على وسائل الإعلام، وسكرتاريا تحرير جديدة.

وعرض المشاركون في اليوم الدراسي مجموعة من التجارب الذاتية حول العنف المبني على النوع الاجتماعي، وناقشوا في مداخلاتهم السياسة التحريرية للمؤسسات الإعلامية التي تحد في بعض الأحيان من نشر المواد التي تتعلق بقضايا النوع الاجتماعي ودعم والفئات المهمشة، وأن احترام الفئات المهمشة والحساسة للنوع الاجتماعي تعود للتنشئة بالتالي يجب أن تبدأ من التربية والتعليم والمدرسة ورياض الأطفال ولا تنتهي بالجامعة، لأن هذا النوع من الاحترام غير قابل للانتهاء ومبني على الاستمرارية والمتابعة، حيث يشكل الإعلام سلطة رابعة، ويكون ذلك في تغطية الحالات والقضايا التي تشهد عنف مبني على النوع الاجتماعي، والكشف عن من يقوموا بالتعذيب أو العنف، وأن يقوم الإعلامي بمتابعة من هو المسؤول عن ارتكاب الفعل الذي يقوم بتغطيته، وبالتالي يجب أن يبذل الإعلاميون عناية فائقة في صياغة الرسالة الإعلامية، والعمل على وحدة إعلام رقمي متكامل في إبراز قضايا النوع الاجتماعي.

وفي نهاية اليوم الدراسي أوصى المشاركون على ضرورة أن تعمل المؤسسات الإعلامية على إدماج النوع الاجتماعي في المستندات المنظمة لعملها، مع التشديد على وجوب احترام النساء وكرامتهن في التغطيات كافة، واعتماد مدونات سلوك داخلية حول أخلاقيات التغطيات الصحفية في المؤسسات الإعلامية، على أن تكون ملزمة للعاملين/ات فيها، وتتضمن مبادئ مرتبطة بتغطية قضايا العنف ضد النساء، بتوقيع مذكرات تفاهم مع منظمات المجتمع المدني، تتضمن بنود وآليات عملية لتفعيل مواثيق الأخلاق وتقديم تغطيات مهنية، واعتماد المصطلحات الملائمة في التعاطي مع الناجيات، وإعطاء الصحفيين تدريبات بمنظور النوع الاجتماعي، وضمان استفادتهم منها، ووضع آليات للشكاوى يستطيع المشاهد/ة من خلالها تبليغ المؤسسة الإعلامية عن محتوی أزعجها. ضرورة إبراز الحالات الناجية في الإعلام، ليقدمن نموذجا ملهما للنساء والفتيات في مجال كسر حلقة العنف والانتصار لحقهن بالحماية والحياة، إنتاج تغطيات إعلامية تضيء بشكل معمق على كافة جوانب القضايا، وتعتمد على ذكر السياق المجتمعي الذكوري، وعدم الاكتفاء بتغطيات ظرفية تتعلق بمناسبات محددة، واستعانة الصحفي/ة بمن يمتلك الخبرات القانونية، والحقوقية، والنفسية والاجتماعية، بحسب الحاجة خلال تغطية قضايا النساء، وبشكل خاص العنف المبني على النوع الاجتماعي، وضع المصلحة الفضلى للنساء في أولويات الصحفيين/ات، التغطيات معلومات حول سبل الحماية أو الجهات التي يمكن للناجيات اللجوء إليها لطلب الدعم النفسي، والاجتماعي والقانوني، والامتناع عن تبرير الجرائم التي ارتكبت على أساس النوع الاجتماعي، بالإضافة إلى التعاون بين الصحفيين/ات والجمعيات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بملفات النوع الاجتماعي، وضرورة الحصول على الموافقة الخطية أو التصويرية من الناجية من العنف، والابتعاد عن استغلال قضايا العنف الجنسي عبر استثمارها كعامل جذب، وضرورة تذكير الصحفيين/ات بأن حماية الناجية وخصوصيتها وصحتها النفسية هي من الأولويات، فضلا عن ضرورة إقامة ورش عمل للصحفيين/ات، ولرؤساء التحرير في المؤسسات الإعلامية عامة، تتعلق بكيفية التعاطي مع قضايا الناجيات، والابتعاد عن استغلال قضايا العنف الجنسي، واستثمارها كعامل جذب للجمهور.

 

اشترك في القائمة البريدية