تعاني المرأة في المنطقة العربية بشكل عام، والمرأة الفلسطينية بشكل خاص، من كافة أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي، والتي تستهدف دورها في الحيزين العام والخاص، وترمي إلى مصادرة حقها في المشاركة في مجتمعاتها كمواطنة كاملة الحقوق وبمستوىً يليق بعطائها، على أرضية حقوق المواطنة. وتتعمق أشكال العنف لتصل إلى مرحلة مصادرة حق المرأة في الحياة، وما قتل نيرة أشرف وإيمان ارشدي (في جامعة المنصورة في مصر وفي جامعة العلوم التطبيقية في الأردن) وغيرهن الكثير من المغدورات في العالم العربي، إلا دليل على أن قتل النساء ليس إلا خبراً عابراً، وليس حكراً على فئة ذكورية بعينها، حيث أن نيرة وإيمان تحديداً قتلتا على أيدي زميلين لهما على مقاعد الدراسة الجامعية، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن العقلية الذكورية المضطهدة للمرأة، تتفوق على أية اعتبارات أخرى ولا علاقة لها بالمستوى التعليمي أو الثقافي أو ما شابه.
وفي فلسطين، تتجلى معاناة المرأة الفلسطينية من خلال تعرضها لعنف مركب يضطهد حقها في الحياة. ففي الوقت الذي تتعرض فيه نساء فلسطين لعنف جنود الاحتلال على الحواجز العسكرية وداخل بيوتهن، وفي الوقت الذي تتمادى فيه قطعان المستعمرين في التنكيل بالشعب الفلسطيني عامة، وبالنساء خاصة، في ظل صمت العالم ودعاة حقوق الإنسان من بقايا الحركات الاستعمارية العالمية، وفي الوقت الذي لا تزال فيه 29 امرأة فلسطينية محتجزة في سجون الاستعمار الصهيوني في ظروف لا إنسانية ومنافية للمعايير الدولي، حيث تتعرض الأسيرات في سجون الاحتلال لأبشع أنواع القمع والتنكيل والتي أدت إلى استشهاد الأسيرة سعدية مطر والموقوفة منذ ما يزيد عن العام، وبينما الذاكرة الفلسطينية لا تزال تختزن مشاهد نساء فلسطين يقتلن على حواجز الاحتلال بدم بارد في الضفة الغربية، وتهدم منازلهن على رؤوسهن في قطاع غزة، ويتعرضن للتهجير القسري والتهويد في القدس، والتمييز العنصري في مناطق ال 1948، تتصاعد ممارسات العنف المبني على النوع الاجتماعي من قبل العقليات الذكورية التي تسعى لتشييء المرأة ومصادرة حقها في الحياة الإنسانية الكريمة التي كفلها القانون الأساسي الفلسطيني ووثيقة إعلان الاستقلال والعقد الاجتماعي الذي يضمن تماسك وترابط لمجتمع الفلسطيني، وكفلتها كذلك الاتفاقيات والمواثيق الدولية والقانون الدولي الإنساني.
وتيرة العنف ضد النساء في الحيزين العام والخاص، في ظل صمت وتواطؤ السلطة التنفيذية التي باتت تهيمن على السلطتين التشريعية والقضائية. فلا يزال قانون حماية الاسرة من العنف معلقاً منذ ما يزيد عن العقد والنيف وينتظر الإقرار، حيث يمكن أن يشكل أداةً ملائمة لحماية النساء من العنف. كما لا تزال النساء تعاني من التمييز والتهميش ومحاولات الإقصاء من الحيز العام. ولا تزال القوانين الفلسطينية تقف عاجزةً أمام الحد من خطاب الكراهية الذي تروج له القوى الظلامية ضد النساء الفلسطينيات، وضد المؤسسات والقيادات النسوية.
وترى الجمعية أنه آن الأوان لحركة نضالية نسوية موحدة لرفع الصوت عاليا في وجه الظلم والاضطهاد والقتل ووضع حد لكافة الممارسات اللا إنسانية التي تتعرض لها النساء في فلسطين. في هذا السياق فإن الجمعية تدعو إلى:
ضرورة قيام السلطة الوطنية الفلسطينية بتسريع عملية تقديم ملف لمحكمة الجنايات الدولية ضد ممارسات الاستعمار الصهيوني بحق النساء الفلسطينيات، وضرورة إبراز قضية الأسيرات في سجون الاحتلال بوصفها انتهاكا صارخا لمنظومة حقوق الإنسان العالمية. كما ترى الجمعية ضرورة التركيز على انتهاك حقوق النساء في السكن ومحاسبة الاحتلال على جرائم هدم المنازل والترحيل بحق الأسر الفلسطينية وخاصة في مدينة القدس المحتلة وفي منطقة مسافر يطا وغيرها من التجمعات البدوية.
ضرورة الإسراع في إقرار قوانين قائمة على العدالة والمساواة، بما فيها قوانين الأحوال الشخصية والعقوبات وقانون حماية الاسرة من العنف ووضع حد لتلكؤ السلطة التنفيذية ومماطلتها في إصدارها. وضرورة توطين الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين، ضمن المنظومة التشريعية الوطنية.
مطالبة المجتمع الدولي بتحمل المسؤولية تجاه محاسبة إسرائيل على الانتهاكات المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني عموما، والنساء الفلسطينيات خصوصا، والتي تترك انعكاسات خطيرة على بنية المجتمع الفلسطيني، بما فيه زيادة العنف ضد النساء، ومطالبة المجتمع الدولي بوقف الكيل بمكيالين فيما يتعلق بتطبيقات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والإسراع في إحقاق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بما فيها حق تقرير المصير.
بناء شبكة أمان لحماية النساء، مكونة من كافة الأطر السياسية والحركات النضالية والاجتماعية ومؤسسات حقوق الإنسان'.
محاسبة كافة المرتكبين لجرائم العنف ضد النساء وخاصة جرائم القتل، وتحريم الافلات من العقاب في هكذا قضايا.
الاصطفاف وراء قضايا النساء والمشاركة في إنجاح الإضراب النسوي العابر للحدود يوم الأربعاء 6/7/2022.