في اليوم العالمي لمناهضة التعذيب، الميزان يدعو إلى اتخاذ التدابير الكفيلة بمنع التعذيب وحماية ضحاياه، ويطلق دراسة حول إنشاء الهيئة الوطنية لمناهضة التعذيب

 

يأتي اليوم العالمي لمناهضة التعذيب 26 حزيران/ يونيو هذا العام وسط استمرار ممارسة التعذيب وغياب الحماية العادلة لضحاياه، وعدم قدرة الضحايا على الوصول الى العدالة، وإفلات مرتكبي التعذيب وسوء المعاملة من العقاب.

وبالرغم من انضمام دولة فلسطين للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب لعام 1987م بتاريخ 2 نيسان/ أبريل 2014م، وبدون تحفظات، وبالرغم من دخول الاتفاقية حيز النفاذ في فلسطين بتاريخ 2/5/2014م، ما زالت دولة فلسطين لم تفِ بالتزاماتها الدولية الناشئة عن كونها طرفاً في الاتفاقية.

وفي خطوة لاقت ترحيب الأوساط الحقوقية، انضمت دولة فلسطين إلى البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة بتاريخ 28/12/2017، ودخل حيز النفاذ بعد عام من الانضمام. ويفرض البروتوكول بموجب المادة (17) على كل دولة طرف أن تنشأ، في غضون فترة أقصاها سنة واحدة، آلية وقائية وطنية مستقلة واحدة أو أكثر لمنع التعذيب على المستوى المحلي. وتظهر الأهمية القصوى لإنشاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب كتدبير وقائي يكشف المخالفات ويعزز الشفافية ويكفل المحاسبة، وإلا فإن الدولة ستنتهك التزاماتها بموجب الاتفاقية والبروتوكول الملحق.

وفي هذا السياق أصدر رئيس دولة فلسطين بتاريخ 21/5/2022م قرار بقانون رقم (25) لسنة 2022م بشأن الهيئة الوطنية لمناهضة التعذيب (الآلية الوقائية)، في محاولة من دولة فلسطين للوفاء بالتزاماتها. وبالرغم من التأخر في الوفاء بهذا الاستحقاق لثلاث سنوات، إلا أن القرار بقانون انطوى على مخالفات واضحة للمعايير التي حددها البروتوكول.

وعليه أصدر مركز الميزان لحقوق الإنسان الأحد الموافق 26/6/2022، دراسة قانونية تحليلية بعنوان (الهيئة الوطنية لمناهضة التعذيب في ميزان القانون الدولي) في إطار سعي المركز لتعزيز احترام أحكام الاتفاقيات وضمان احترام دولة فلسطين لالتزاماتها بموجب الاتفاقية والبروتوكول الاختياري الملحق.

وتعالج الدراسة سؤال ما إذا كان باستطاعة القرار بقانون تجسيد أحكام البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، والمبادئ التوجيهية بشأن الآليات الوقائية الوطنية التي اعتمدتها اللجنة الفرعية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة؟

وتتناول الدراسة مدي احترام القرار بقانون لمعيار الاستقلال الوظيفي للآلية الوقائية الوطنية، وخلصت إلى أن القرار بقانون اتجه إلى جعل الآلية أحد المؤسسات التابعة للسلطة التنفيذية بشكل صريح، الأمر الذي يتنافى مع موجبات مبدأ استقلال الهيئة وكونها مؤسسة دولة لا تخضع للسلطة التنفيذية. كما خلا القرار بقانون من ضمانات الحماية للمبلغين عن جرائم التعذيب.

وتستعرض الدراسة التزامات دولة فلسطين باعتبارها دولة طرف في الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان، وبشكل خاص في اتفاقية مناهضة التعذيب والبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب.

وتورد الدراسة تسلسل الجهود التي بذلتها دولة فلسطين لإقرار القانون الخاص بإنشاء الآلية الوقائية الوطنية، بما في ذلك تأكيد دولة فلسطين في تقريرها الأولي المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة (الفقرة 131) أن انضمامها للبروتوكول الاختياري للاتفاقية، هو تعبيرٌ عن التزامها بإنشاء آلية وقائية وطنية مستقلة لمنع التعذيب، وفقا لمتطلبات البروتوكول وبالتنسيق مع اللجنة الفرعية لمنع التعذيب.

وتوضح الدراسة نهج اللجنة الفرعية الدولية بشأن مفهوم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمبادئ التوجيهية التي وضعتها اللجنة، ولاسيما زيارة أماكن الاحتجاز مع مراعاة جميع العوامل ذات الصلة، بما في ذلك الأطر القانونية والإدارية العامة والحقوق الجوهرية والضمانات الإجرائية، الواجب مراعاتها فيما يتعلق بالاحتجاز، وكذلك السياقات العملية التي تعمل ضمنها.، ومحور تركيزها الأساسي، والتوصيات التي تتمخض عنها تبعاً لهذه العوامل وفي ضوء الأوضاع، كي يتسنى، على أفضل وجه، بلوغ هدف الزيارة الرئيسي المتمثل في تحقيق قدرتها وأثرها الوقائيين بأقصى ما يمكن.

كما استعرضت الدراسة أساليب تأسيس الآليات الوطنية لمنع التعذيب ووظائفها وصلاحياتها من حيث زيارة أماكن الاحتجاز والدور الاستشاري وتقديم المقترحات التشريعية، والمساهمة في تقارير الدولة وذلك وفقا لبروتوكول منع التعذيب، وأن على الدول أن تتيح للآليات الوقائية الوطنية التمكين اللازم للنهوض بدورها.

وفي ختام الدراسة يطالب مركز الميزان بوقف العمل بالقرار بقانون ويدعو إلى إجراء مشاورات وطنية مع الأطراف ذات العلاقة، ولاسيما مؤسسات المجتمع المدني لتبني نظام يضمن:

  • استقلال الآلية بما في ذلك الاستقلال الوظيفي والمالي والإداري للآلية،
  • ضمان تمثيل المجتمع بمختلف مكوناته
  • حماية المبلغين عن التعذيب للهيئة سواء ثبت صحة البلاغ أو خطأه وسواء كانوا أفراداً أم مؤسسات،
  • نشر الاتفاقية والبروتوكول في الجريدة الرسمية لتصبح جزءاً من التشريع الوطني.
  • تعديل القرار بقانون ليتضمن خلاصة المشاورات الوطنية، وعرضه على مؤسسات المجتمع المدني قبل نشره.

          لتحميل الدراسة، الرجاء الضغط على الرابط هنا ....         

اشترك في القائمة البريدية