المركز الفلسطيني يصدر تقريراً حول العدوان على غزة خلال الفترة 10 -21 مايو 2021

أصدر المركز الفلسطيني تقريراً شاملاً حول العدوان الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة خلال الفترة بين 10 -21 مايو 2021.  يوثق التقرير كافة المجريات والأحداث التي جرت خلال العدوان، وهو عبارة عن خلاصة عمل كافة طواقم المركز ووحداته المختلفة التي عملت على كافة الأصعدة من رصد، مراقبة، توثيق، وتحقيقات وبناء ملفات قانونية.  وبالتالي، يعبر التقرير عن رواية المركز حول العدوان على غزة، بشكل موضوعي ومهني في إطار عمله كمنظمة معنية بحقوق الإنسان.

كما يتضمن التقرير نتائج التحقيقات التي أجرتها ثلاث مؤسسات حقوقية، هي: المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان؛ مركز الميزان؛ ومؤسسة الحق، على مدار الأشهر الماضية حول العدوان، حيث أصدرت تقريراً إحصائياً مشتركا حول نتائج العدوان.

شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 10 مايو 2021، عدوانا على قطاع غزة تحت مسمى عملية “حارس الأسوار”، استمر 11 يوماً، استخدمت فيه أحدث ما في ترسانتها العسكرية من طائرات حربية ومدفعية وبوارج بحرية.  ودكت آلة الحرب الإسرائيلية على مدى أيام الحرب بأطنان من المتفجرات والصواريخ الموجهة منازل وممتلكات المدنيين والبنى التحتية ومختلف القطاعات الحكومية والخاصة وغير الحكومية، مما أسفر عن مقتل وإصابة مئات المدنيين، وتدمير واسع وشامل في الممتلكات، وإحداث أزمة إنسانية، بفعل عمليات القصف والتدمير لعشرات الآلاف من سكان القطاع.  وطالت تلك العمليات، في أحيان كثيرة، تجمعات مدنية وأوقعت خسائر في أرواح وممتلكات مدنيين عزل، كانت أعنفها القصف المكثف والعنيف لشارع الوحدة، وسط مدينة غزة، في اليوم السابع للعدوان، والذي أدى لتدمير عشرات المنازل والبنايات الكبيرة على رؤوس ساكنيها، مما أسفر عن مقتل العشرات، بينهم عائلات بأكملها أبيدت.

ووفقاً للتقرير، فقد قتلت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي، خلال العدوان 240 شخصاً، بينهم 151 مدنياً، بنسبة (63%) من إجمالي الضحايا المدنيين، و(89)[1] عنصراَ من أفراد المقاومة.  من بين الضحايا المدنيين (59) طفلاً، و(38) امرأة، وإصابة (1972) مواطناَ، بينهم (632) طفلاً، و(399) امرأة.  كما أسفرت الهجمات العسكرية الإسرائيلية عن إلحاق الضرر بـ (7680) وحدة سكنية، بينها (1313) وحدة سكنية تعرضت للضرر الكلي، و(6367) وحدة سكنية تعرضت للضرر الجزئي.

وشكل استهداف المنازل والبنايات السكنية وهدمها على رؤوس ساكنيها، أبرز سمات العدوان، حيث قتل العشرات من المدنيين، بمن فيهم عائلات بأكملها، جراء تدمير منازلهم.  كانت أبرز هذه الجرائم، تدمير حي سكني في شارع الوحدة، وسط مدينة غزة، ومقتل (44) مواطناً داخل منازلهم، بينهم 17 طفلاً، 13 امرأة، و5 مسنين، بالإضافة إلى إصابة 12 آخرين، بينهم 3 أطفال، و4 نساء، حيث باغتتهم عشرات القذائف الصاروخية وهم نيام.

وأظهرت التحقيقات التي أجراها المركز، أن الهجمات على هذا الحي السكني، علاوة على هجمات أخرى مماثلة يستعرضها التقرير، قد نفذت دون أي هدف عسكري واضح أو مرئي سواء في المكان نفسه أو في مكان قريب، وأن المنطقة ومحيطها هي منطقة سكنية وتجارية وخدماتية، ولا يوجد فيها أية موقع عسكري، ولم يسبق أن استخدمت هذه المنطقة كمنطقة مواجهات أو إطلاق صواريخ أو أي شيء يدل على أنها غير مدنية.

وأظهر التقرير اضطرار الآلاف من السكان المدنيين إلى إخلاء منازلهم بشكل قسري خلال فترة العدوان، وذلك هرباً إلى أماكن اعتقدوا أنها ستكون آمنة بعد أن تعرضت منازلهم وممتلكاتهم إلى استهداف مباشر أو غير مباشر على أيدي القوات الحربية المحتلة.  وشهدت مناطق حدودية نزوحاً جماعياً لسكانها، تحت القصف المكثف لمنازلهم ومناطق سكناهم، كان من بينها القرية البدوية، شمال قطاع غزة، الذي اضطر نحو 7000 من سكانها للجوء الى مدارس الأونروا في مدينة غزة، أو لدى منازل أقراب وأصدقاء أكثر أمنا.  كما شهدت المناطق الحدودية فالشرقية في رفح نزوحا جماعياً لنحو 5000 مواطن باتجاه الغرب إلى أماكن أكثر أمناً في المدينة، ولجأوا الى مدارس الوكالة.  وفاقم الحالة الإنسانية المتردية سوءاً اضطرار آلاف آخرين، خاصة في مدينة غزة، للهرب من منازلهم وبناياتهم السكينة بفعل استهداف تلك القوات للأبراج السكنية العالية.  ومما فاقم الحالة الإنسانية، وزاد الأمور سوءاً، اضطرار مئات العائلات الأخرى إلى ترك منازلها عنوةَ والهرب الى أماكن أكثر أمناً.

ووثق التقرير أيضاً تعرض المنشآت الطبية وفرق المهمات الطبية للاستهداف وعرقلة عملها في نقل الجرحى وإجلاء الضحايا.  كما تعرضت منشآت صحفية وإعلامية في قطاع غزة للاعتداءات، حيث تم قصف مقرات قنوات فضائية عاملة في القطاع، من بينها قنوات فضائية عربية ودولية.  كما تعرضت مؤسسات تعليمية ومؤسسات حكومية ومرافق عامة للتدمير بشكل منهجي ومنظم.

وخلصت تحقيقات المركز إلى أن ممارسات قوات الاحتلال خلال العدوان شكلت خرقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، وميثاق روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، ومثلت مخالفات لكل من مبدأي التمييز والتناسبية في الأعمال القتالية.  فقد شنت تلك القوات هجمات عشوائية على مناطق سكانية مأهولة واستخدمت الأسلحة بشكل عشوائي.  ويؤكد المركز أن تلك الأعمال تُشكل مخالفات جسيمة لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949، وتعتبر أيضاً جرائم حرب.  بالإضافة إلى ذلك، وبالأخذ بعين الاعتبار الدلائل المنتشرة على نطاق واسع في قطاع غزة والتي تؤكد الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الإنساني الدولي، من خلال الممارسات الإسرائيلية أثناء العمليات القتالية ربما تشكل تلك الدلائل مؤشراً على ارتكاب إسرائيل جرائم ضد الإنسانية.

——————————-

 

[1] بينهم (10) قتلوا في ظروف مدنية، أي لم يكونوا مشاركين في أعمال قتالية لحظة مقتلهم.

اشترك في القائمة البريدية