مقال بعنوان : قراءة تحليلية لواقع العمل التعاوني في قطاع غزة

قراءة تحليلية لواقع العمل التعاوني في قطاع غزة

 

غزة­­ ­_ مدحت حلس

يحتاج العمل التعاوني الزراعي اهتماماً وحرصاً كبيرين، باعتبار ان هذا القطاع هام جداً وبإمكانه ان يلعب دوراً اساسياً في العملية التنموية وتوفير فرص العمل للألاف من الشباب والنساء العاطلين عن العمل، كما انه يخلق الفرص للعديد من الأهالي ممن لا يملكون رؤوس أموال كبيرة، من خلال انخراطهم في العمل الجماعي وتضافر جهودهم كمجموعات من الافراد لإنجاز عمل ما بشكل أفضل مما لو قاموا به منفردين.

كما ان التطلعات والآمال المعقودة تجاه هذا القطاع على المستوى الرسمي والأهلي ترتقي الى الوصول بجمعيات تعاونية زراعية فاعلة ومتمكنة ويكون لها دوراً اساسياً ومساهماً في نمو وتطوير القطاع الزراعي بهدف تلبية احتياجات العاملين فيه والاسهام الفعلي في تحقيق التنمية المستدامة.

وفي إطار ما تقدم ومن خلال تنظيم زيارات ميدانية شملت بعض الجمعيات التعاونية العاملة في قطاع غزة، بهدف الاضطلاع على العمل التعاوني القائم في قطاع غزة، وفحص مدى إمكانية تطور هذه الجمعيات في المستقبل وما يلزمها من تدخلات مستقبلية لإحداث تغيير في عملها وتطورها ليس على الصعيد الإنتاجي وحده، بل على صعيد تشارك الفهم الواضح حول مفهوم العمل التعاوني وكيفية اصلاح هذا القطاع والنهوض به الى الأفضل.   

لوحظ وجود فروقات واضحة بين الجمعيات التعاونية في فهمها للعمل التعاوني، وفي قدرات الجمعيات الإدارية وتجهيزاتها اللوجستية للعمل، الى جانب القدرات الفنية بدءً من عملية الإنتاج ومروراً بطرق الاعداد وتجهيز المنتج وصولاً الى الأسواق. وتبين أن معظم الجمعيات التي تم لقائها تحتاج الى تدخلات، الا ان بعض التدخلات المطلوبة قد تجتمع عند معظم الجمعيات وتنفرد عن بعضها في تدخلات أخرى.  وكان واضحاً هذا الامر من خلال مدة التجربة التي مرت بها الجمعيات وحجم النشاط المنوط بها، المستوى الإداري والفني، حجم الأعضاء المنتسبين، العملية الديمقراطية واجراء الانتخابات الدورية.

هناك امر هام يجب التوقف عنده يتعلق بنشاط الجمعيات التعاونية وهو ان معظم الجمعيات التعاونية التي التقيناها لم تذكر انها قامت بتوزيع الأرباح على الأعضاء المنتسبين لديها، الا انها أظهرت انها تركز على عمليات الشراء الجماعي والبيع الجماعي، وهذا الامر مهم لكنه وحده لا يمكنه العمل على تشجيع الناس للانضمام الى الجمعيات التعاونية وممارسة العمل التعاوني بكل نزاهة وشفافية، وقد يحجب هذا الامر عن المنتسبين فرصة الاضطلاع على ميزانية التعاونية وخططها التطويرية، و ان أمور الموازنات وخطط التطوير والمشاريع المقدمة للجمعيات تبقى متاحة للتداول فقط بين أعضاء مجالس الإدارة والإدارات التنفيذية. ما يشير الا ان مفهوم العمل التعاوني لدى الجمعيات لم يكتمل بعد ويحتاج الى عمليات اصلاح.

لقد أظهرت بعض الجمعيات انها لا تبدي استعداداً لزيادة عدد المنتسبين وتكتفي بعدد قليل منهم، اعتقاداً منها ان عائدات الجمعية من الأرباح لا تكفي لزيادة عدد المنتسبين.  ما يدلل على ان الجمعيات تميل في عملها أكثر الى تحقيق الأرباح والمنافع الشخصية لنفر قليل ينحصر في القائمين عليها. وليس الميل الى العمل التعاوني الحقيقي الذي يدار من قبل مجموعة من الأشخاص يتحدوا طوعياً لتلبية احتياجاتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشتركة من خلال ملكيتهم المشتركة لها وادارتهم الديمقراطية. 

ومن الواضح أن الجمعيات التعاونية تحاول الاعتماد على تطوير ذاتها لكنه ليس بالقدر الذي تنظر فيه الى جهات خارجية ممولة تلبى احتياجاتها اللوجستية من معدات وآلات وغيرها، الامر الذي يشير الى تباطئ العمل التعاوني وعدم قدرته على الاستفادة من القدرات والموارد المتاحة لدى أعضائه.

وفي نهاية هذا المقال لا بد من الإشارة الى وجود تحديات ومشاكل تواجه فرص تطور العمل التعاوني في قطاع غزة، وهو ما أشار اليه معظم القائمين على العمل التعاوني اثناء لقائنا معهم ومن بين هذه التحديات:

  • الحصار والاغلاق
  • عدم توفر الطاقة وانتظامها وبدائلها
  • عدم قدرة التعاونيات للوصول الى الأسواق
  • عمليات اعداد المنتج وتوفر أمور التغليف المناسبة له.
  • انتشار وباء الكورونا
  • الوضع الاقتصادي وما ترتب عنه من تراجع القدرة الشرائية
  • المنافسة الشديدة بين التعاونيات والقطاع الخاص
  • عدم وجود حاضنة حقيقية للعمل التعاوني على المستوى الرسمي
  • ضعف التنسيق بين العاملين في القطاع التعاوني
  • أهمية انتشار الوعي التعاوني لدى الجمعيات والأهالي
  • الحاجة الى تبادل الخبرات في المجال على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
  • ضرورة الاعفاء الضريبي للجمعيات التعاونية وخصوصاً الإرجاع الضريبي المستحق لهم من وزارة المالية الفلسطينية.
  • نقص الخبرات في إدارة التسويق للمنتجات وكذلك عمليات التسويق الالكتروني.
  • نقص في الاستشارات الفنية المقدمة للعمل التعاوني
  • عدم الاستفادة من مخصصات موازنة الحكومة ووزارة العمل لتمويل أنشطة الجمعيات التعاونية.
  • صعوبة وتعقيدات عملية تسجيل الجمعيات والشروط المالية الصعبة التابعة لها.
  • الخلط بين عمل الجمعيات الخيرية والجمعيات التعاونية والسعي لتغيير اسم جمعية تعاونية إلى تعاونية فقط بدون تعريفها كجمعية.
  • ضرورة تفعيل أعضاء الجمعيات التعاونية كمساهمين وعاملين

 

 

 

 

 

 

اشترك في القائمة البريدية