المركز الفلسطيني: استقلال القضاء لن يتحقق بإصدار قرارات بقانون من رأس السلطة التنفيذية

أصدر الرئيس الفلسطيني قراراً بقانون رقم 40 لسنة 2020 بشأن تعديل قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002، بتاريخ 30 ديسمبر 2020.  ويأتي هذا القانون ضمن سلسة من الإجراءات والقرارات التي اتخذها الرئيس الفلسطيني بدعوى اصلاح القضاء، شملت حل مجلس القضاء الأعلى بموجب قرار بقانون صدر بتاريخ 15 يوليو 2019، وتعيين مجلس انتقالي، وإجراء تعديلات في قانون السلطة القضائية وعزل عدد من القضاة.

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يؤكد أن إصلاح السلطة القضائية يكون بضمان استقلالها عن السلطة التنفيذية في المقام الأول.  ويشدد المركز على أن التدخل في شؤون السلطة القضائية من قبل الرئيس الفلسطيني بدعوى اصلاحها في ظل ظروف سياسية معقدة، يتطلع فيها الجميع لإنهاء الانقسام وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المستحقة منذ العام 2010، يساهم في تقويض استقلاليتها وزعزعة الثقة فيها وليس اصلاحها.  وهو الموقف الذي سبق وأن أعلنته منظمات حقوق الإنسان في ورقة موقف صدرت في أغسطس 2020[1]، وخاصة أن تدهور أوضاع السلطة القضائية جاء بالأساس نتيجة تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية على مدى سنوات.

ويأتي هذا القانون، الذي تضمن 33 مادة معدلة لأغلب الاحكام الواردة في القانون الأصلي، في ظل ترقب الجميع لإصدار الرئيس الفلسطيني، مرسوماً يحدد موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية، بعد التوافق الذي تم بين طرفي الانقسام لعقدها.  ويطرح ذلك تساؤلات حول الهدف الحقيقي من التسرع في اصدار مثل هذه القوانين في هذا الوقت، بدلاً من ترك مهمة التشريع والاصلاح القضائي للهيئات المنتخبة من قبل الشعب الفلسطيني، وخاصة أن قانون السلطة القضائية لسنة 2002 يعد وفق أغلب خبراء القانون من أفضل القوانين في المنطقة.  وبالتالي، يتعارض ذلك مع فكرة “الضرورة القصوى”، وهي الشرط اللازم في المادة 43 من القانون الاساسي لإعطاء الرئيس حق اصدار قرارات بقانون.

يعيد المركز التذكير بقرار المحكمة العليا بإلغاء قانون السلطة القضائية رقم (15) لسنة 2005م، والذي جاء ليلغي قانون السلطة القضائية لسنة 2002.  وتم رفض ذلك القانون من قبل السلطة القضائية عند صدوره، والتي أكدت أن قانون السلطة القضائية جيد ولا يحتاج إلى تعديل أو تغيير.  ونجح المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان حينها في اسقاط هذا القانون لتعارضه مع المادة (100) من القانون الاساسي لسنة 2002، والتي تلزم الجهات التشريعية بالتشاور مع مجلس القضاء الاعلى قبل اصدار أي قانون يتعلق بتنظيم القضاء.  وهذه الحادثة تثبت أن موقف المركز من عدم الحاجة إلى تغيير هذه القانون، كان موقف السلطة القضائية نفسها.  ويعزز هذا الموقف الآن وبشكل حاسم، حالة الانقسام الفلسطيني وغياب السلطة التشريعية.  ويطرح ذلك تساؤلاً حول إمكانية أن تقوم السلطة التنفيذية، والتي تحتاج نفسها إلى اصلاح جذري من خلال إجراء الانتخابات الرئاسية، بالمبادرة لإصلاح السلطة القضائية في ظل أجواء مناكفات الانقسام السياسي الفلسطيني.

يؤكد المركز أن عدم إشراك مؤسسات المجتمع المدني، بما فيها نقابة المحامين الفلسطينيين ومؤسسات حقوق الإنسان، في مناقشة مثل هذا القانون الحساس والمهم قبل إقراره، غير مقبول، وخاصة في ظل اضمحلال الشرعية للمؤسسات القائمة في ظل التخلف لأكثر من 10 سنوات عن إجراء الانتخابات المستحقة.

يشدد المركز على موقفه الثابت من ضرورة التزام الرئيس الفلسطيني بشرط الضرورة القصوى في اصدار قرارات بقانون، وخاصة بأن التعديل المذكور، واكبه صدور قوانين أخرى تتعلق أيضا بالسلطة القضائية، وهي قرار بقانون رقم (39) بشأن تشكيل المحاكم النظامية وقرار بقانون رقم (41) بشأن تشكيل المحاكم الإدارية.  ويطالب الرئيس بترك مشكلة اصلاح القضاء الفلسطيني للسلطات المنتخبة التي ستتمخض عنها الانتخابات المقبلة.

ويناشد المركز القضاة وجميع الجهات الحقوقية بالعمل المشترك من أجل التصدي لكل محاولات المس باستقلال وهيبة القضاء الفلسطيني.

 

———————————————————-

[1] مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، ورقة موقف صادرة عن مؤسسات حقوق الإنسان بشأن استقلال القضاء، صدرت بتاريخ 21 اغسطس 2020 < https://www.pchrgaza.org/ar/?p=19434>

اشترك في القائمة البريدية