واقع المرأة في ظل الأزمات التي يمر بها قطاع غزة

إعداد: نادية أبو نحلة

ضربت جائحة كورونا العالم وأثرت  بكل مناحي الحياه السياسيةوالاقتصاديةوالصحية، وتسببت في عزل الدول وتقييد الحركة والتنقل، وأدت إلى الإغلاقات العامة، وأحدثت تحولات كثيرة في اهتمامات وأولويات الدول، مما أثر سلباً على الكثير من سكان العالم وتحديداً النساء.

وهذه الحالةالعالميةتأثرت بهذا أيضاً الأراضي الفلسطينية والتي تعاني من أخطار عديدة، ليست الجائحة فقط، ولكن خطر الاحتلال وتهديداته وسياساته القمعية، التي استمرت ولم تتوقف في ظل الجائحة، التي تزامنت أيضاًمع إعلان الاحتلال الاسرائيلي عن خطة سياسة الضم للأراضي الفلسطينية، وضرب بعرض الحائط القانون الدولي الانساني، وعدم احترام الاحتلال لنداءات الأمين العام حول السلم العالمي،وضرورة توقف وإنهاء كل اشكال الصراعات ليتمكن العالم من مواجهة جائحه كورونا .

إضافةإلى الاوضاع السيئة التي يعيشها الفلسطينيون، جراء الانقسام السياسي وهشاشة الاوضاع الاقتصادية والصحية، في مواجهة الجائحة، وأيضاً الحصار المفروض على قطاع غزه على مدار العقد والنصف، حيث يعاني القطاع أزمات كثيرة جراء الحصار والاغلاق وهشاشة البنية التحتية الاقتصادية والصحية، لمواجهة جائحة كورونا،والتي عصفت بكل مناحي الحياة وأثرت بشكل كبير على الخدمات المقدمة للمواطنين، والتي تأثرت بها بشكل كبير النساء وخلقت أوضاعا غير عادلةفي علاقات النوع الاجتماعي.

ففي ظل هذا الواقع الضعيف والمنهار، تراجعت أولويات الخدمات تحديداً للفئات الهشة والضعيفة في المجتمع من النساء وكبار السن وذوي الاعاقة وأيضاً الشباب الذين يعانون مع النساء من أعلى نسبة بطاله وفقر.

 تعاني النساء من عنف مزدوج ومركب متمثل في عنف الاحتلال والعنف الاجتماعي المتمثل بالهياكل الأبوية الذكورية التي تنعكس بشكل كبير اختلال العلاقات بين النساء والرجال في المجتمع، وتعزز منظومة من السيطرة الذكوريةغيرمنظومة القوانين والتشريعات والعادات والتقاليد، والتي عززت الأدوار النمطية للنساء وافرزت منظومة اجتماعية غير عادله قائمه على التمييز المبني على النوع الاجتماعي.

 أزمة جائحة كورونا:

 لقد اثرت ازمة جائحه كورونا على النساء في كل العالم، فتجربة الأزمات تؤثر دائما وفي الاغلب على حياة النساء والفتيات بصوره كبيره، فهي تؤثر على الرجال والفتيان أيضا ولكن تتأثر بها النساء بسبب التمييز القائم في المجتمع على أساس النوع الاجتماعي.

 في قطاع غزةأوضاع النساء أكثر تضرراً، كما باقي النساء في الاراضي الفلسطينية، رغم التزامات دولة فلسطين الخاصة في مناهضة التمييز وعدم المساواة، و أجنده التنمية المستدامة 2030 ، إلا أن التمييز وعدم المساواة ما زال قائماً في كافة الهياكل والبنى الاجتماعية والاقتصادية والتي ظهرت بشكل اكبر وضوحا في ظل أزمة جائحة كورونا فكانت النساء والفتيات الاكثر تضررا بعد اعلان حاله الطوارئ من قبل الحكومة الفلسطينية وسياسات الاغلاق للمحافظة على سلامة المواطن، فقد أثرت سلباُ في عدة مناحي منها، زياده العنف الاسري ضد المرأة والفتيات، وتدهور وتراجع الاوضاع الصحية للنساء، وعدم توفر الخدمات الصحية الخاصة بالنساء تحديدا مريضات السرطان وتدهور الاوضاع الاقتصادية، وتراجع  المشاركة السياسية للمرأة.

 تأثيرات جائحة على اوضاع النساء - العنف المبني على النوع الاجتماعي:

 أحد أبرز القضايا زياده العنف العائلي ، وتحديداُ العنف ضد النساء، وقد أثرت الجائحة بشكل كبير على ارتفاع مؤشرات العنف داخل الاسرة ضد النساء وقد جاء بمسح العنف الصادر عن جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني عن ارتفاع ملحوظ في معدلات العنف ضد النساء بنسبة 30 %بسبب وجود الأسر داخل الحيز العائلي لفترات طويلة، وبسبب سياسات الاغلاق، وأشارت أيضا العديد من الدراسات التي تم اعدادها حول زيادة مؤشرات العنف الاسري بسبب الحجر، والتي أثرت على علاقات النوع الاجتماعي، وارتفاع جرائم القتل ضد النساء فاكثر من 19 امرأة فقدن حياتهن في الضفة وغزة لأسباب مختلفة، منها قتل على خلفية ما يسمى بشرف، ومنها بسبب الميراث، أو بسبب الاوضاع الاقتصادية المتردية بالمجمل هناك ارتفاع كبير جداً لممارسات العنف.

هذا الارتفاع تزامن مع تحديات كثيرة في إمكانية وصول النساء الضحايا واللواتي يحتجن إلى خدمات الايواء والوصول إلى مراكز الحماية والتي بسبب القرارات الحكومية توقف عملها فقد اغلقت حكومة غزة كتدابير وقائية بيت الامان الحكومي  وكذلك بالضفة الغربية

 وجهت التعليمات إلى مراكز الايواء بعدم إدخال أي حالة جديدة ما لم تكن قد خضعت للحجر لمده 14 يوم، وهذا ما فرض تحديداُ على مراكز الايواء التي لم تكن مجهزة لتشمل مرافق حجر، وبسبب القيود المفروضة على التنقل و تدابير الاغلاق منذ بداية الازمة تقلصت الرعاية المنقذة  للحياة، ودعم المخصص للناجيات من العنف المبني على النوع الاجتماعي، بما حدث فجوى في الاستجابه للناجيات وجرى تقليص على مستوى الخدمات المقدمة للناجيات بشكل مباشر و امكانيه وصول النساء الى الخدمات.

 الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني تحدث عن أن ما يقارب من 24 منظمة تقدم الاستجابة للعنف المبني على النوع الاجتماعي في الاراضي الفلسطينية، منها تسعة منظمات في قطاع غزه تغيرت او استبدلت الطرق التي تعتمدها في تقديم خدماتهاـ وأصبحت تقدم الدعم للنساء عن بعد،فمنذ منتصف آذار جرى اعتماد الخطوط الساخنة و مجموعات الدعم على شبكات الانترنت،وشهدت انشطة التوعية الضغط والمناصرةاكثر على الاذاعات ومحطات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي واداره الحالات عبر خطوط الهاتف.

 واشار تقرير صادر عن مركز المرأة للإرشاد القانوني إلى أن 3130 امرأة وفتاة من غزة طلبن المساعدة والارشاد والدعم النفسي، خلال ثلاثة شهور الأولى للجائحةوهذه زيادة بنسبه 69% في مختلف الاراضي الفلسطينية، وما نسبته 43% زيادة لطلب المساعدة الهاتفية والدعم النفسي جراء العنف خلال هذا العام.

لم تتخذ تدابير حكوميةأو خطه طوارئ لحكومة غزه، تضمن الاستجابة للعنف المبني على النوع الاجتماعي رغم تبني وزاره شؤون المرأة في رام الله  خطة تدخل لمساندة المرأة في مواجهة كورونا وتستند على أربعة محاور للتدخل: الوقاية - الانعاش  - الادماج  - التمكين الاقتصادي.

هناك تغييرات حدثت في غزة بسبب فاعلية المؤسسات النسوية والهيئة المستقلة، والتي ضغطت بضرورةإعادة عمل المحاكم، والتي أغلقت في الفترة الأولى للجائحة، وتسببت في تعطل التمثيل القضائي في قضايا النساء أمام المحاكم، مما أدى إلى إعادة عملها، وكذلك فتح بيت الأمان مع اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية.

 الأدوار الاجتماعية في ظل جائحة كورونا:

 لقد أحدثت الجائحة وأضافت أعباء جديدة على النساء، حيث تضاعفت جودة النساء في الأعمال المنزلية ومهام الرعاية وازداد من استغلال أكبر للنساء ومؤسسة وترسيخ دورهن الإنجابي في الخاص، واستغلت الجائحة لإحكام السيطرة والهيمنة على النساء لضمان استمرارية التميز في الحيز الخاص والتأكيد على هذا الدور الانجابي لخدمه ابعاد ذات علاقه بمفاهيم تقليدية، تقسيم العمل داخل الوحدة المنزلية دفع باتجاه الأدوار الرعائية والخدماتية للنساء لضمان استمرار التمييز القائم على اساس النوع الاجتماعي.

 ولم يأخذ هذا التقسيم الغير عادل الادوار المزدوجة النساء العاملات اللواتي فرضت عليهم ظروف الحجر والجائحة العمل عن بعد في المنزل مع الوظائف الاجتماعية التي تقوم بها النساء مأسسة جديدة للتمييز وإعادة استغلال لدور النساء في الخاص أو الأسرة.

الفقراء الجدد:

 تضررت المصالح الاقتصادية للرأسمال، والتي تأثرت بها الطبقات الفقيرة جراء جائحة كورونا والحجر المنزلي.

أثرت بشكل كبير على الأمن الانساني والاجتماعي والاقتصادي، وكشفت هشاشة النظم الاقتصادية والسياسية، وضعفها وعدم قدرتها على مجابهة التحديات وبرزت التجليات الخطيرة بوضوح مع ارتفاع مؤشرات الفقر والبطالة، وفقدان الكثير من العائلات للأمن الغذائي وتحديداً العائلات التي ترأسها نساء والنساء العاملات في القطاع الغير منظم، فالأزمة خلقت نسبة بطالة كبيرة عالية في صفوف هذه الفئة وازدادت نسبة الفقر.

علماُأن مؤشرات البطالة في فلسطين بين النساء هي من أعلى المؤشرات عالمياُ و نسبة مشاركة النساء في العمل الرسمي لا تتجاوز 18% وفي غزة لا تتجاوز 14%، وهي أقل نسبة مشاركة عربياً في سوق العمل.

 تأثرت شرائح كبيره من النساء والعاملات في وظائف واعمال محدده مثلا رياض الاطفال والحضانات والتي تم اغلاقها في اطار حالة الطوارئ وفقدت 7000 عامله وظائفهن.

 عاملات المنازل فقدن أعمالهن وكل اشكال الحماية تضررت المشاريع الصغيرة محدودة الدخل للنساء العاملات المياومة -  البسطات العاملات في المصانع الصغيرة، مشاريع البطالة المال مقابل العمل، عاملات التجميل والحلاقة -  غالبية هذه الشرائح تضررت وأضيفت إلى نسبة البطالةالعالية للنساء، رغم الاعلان عن صندوق وقفه عز لدعم المتضررين من جائحه قرارا الا ان غالبيه الفئات المذكورة لم يتم تصنيفها ضمن المتضررين للتعويضات و نسبه النساء المستفيدات من الصندوق لا تتجاوز 5 %.

الأوضاع الصحية للمرأة في ظل  الجائحة:

 منذ بدايه الاعلان عن مواجهه الجائحة لازم اي تصريحات خاصه بالأوضاع الصح مصطلح الهشاش وعدم قدره القطاع الصح على الصمود رغم ان مؤشرات الصحية تتحدث منذ سنوات عن ضعف القطاع الصحي وعدم قدرته على تلبية الحاجات الصحية وتقديم الخدمات جراء الحصار والمقاطعة والعقوبات والتي أثرت بشكل كبير في حياة الكثير من المرضى، ومنهم النساء تحديداُ مريضات السرطان والتي انقطعت بهن السبل في ظل الجائحة وعدم القدرة للوصول الى مستشفيات الضفةأو الداخل للعلاج لأسباب سياسيه في مواجهه قرارات الاحتلال الضم والمقاصة والذي سبب الاغلاق في مواجهه جائحه كورونا مما تسبب في فقدان حياه بعض المرضى او تعطيل وصول العلاج الى غزه.

النساء والكورونا:

نسبة الاصابة بفيروس كورونا 35% بين النساء، مقابل 65 % من الذكور، ولكن عند النظر إلى حالات الوفاة الناجمة عن الاصابة بالفيروس توزعت بواقع 75 % من الاناث، 25% ظهور هذه المعطيات مهمة احتماليه إصابة النساء بالفيروس أقل من الذكور،إلا أن احتماليةأن يكون الفايروس أكثر فتكاً بين النساء هي الأعلى ( لقاء مع وزيرة شؤون المرأة الدكتورةآمال حمد)  وهذا يتطلب إجراءات حماية النساء والحفاظ على حياتهن.

وهي تطلب مواجهة الوصمة الاجتماعية التي تلاحق النساء المصابات وايضا توفير ظروف حجر صحي افضل للنساء ارتباط النساء في أدوارهم الرعائية والانجابية تتردد النساء بالابلاغ عن الإصابة او الكشف عن الإصابة بخوف هن من عدم توفر الرعاية والخدمات لأطفالهن وعائلاتهن.

 المرأة والمشاركة السياسية في ظل جائحة كورونا:

 كورونا في حاله الانكشاف الحقيقي لكل اوضاعنا ومنها السياسية لقد وضعت النساء تحت المجهر وكشف شعور الارادة السياسية في مسألة تمكين النساء سياسياً ودمجهن، والوفاء بالالتزامات الوطنية التي أقرتها هيئات وطنيه" المجلس المركزي والوطني"  في تمثيل النساء بنسبة لا تقل عن 30 % في مواقع صنع القرار وكشفت خيارات النساء أمام مسؤولياتهم في الحيز الخاص والعام و ادوارهن الرعاية والحماية لاطفالهن ودورهن في لجان الطوارئ والحماية ولجان الاسناد المحلية والوطنية.

 لقد برز خلال عام الجائحة ذكورية المجتمع بكل مكوناته تحديداً السياسية والتي تمثلت بغطاء ذكوري ومنهج عقائدي ايديولوجي للنساء من كل التشكيلات الوطنية لمواجهه الجائحة،وإن وجدت شكليا ورمزياً كما في صندوق وقفة عز برمزية التمثيل امرأة واحدة.

 المطلوب أدوار قيادية للنساء في صناعة القرار وليست فقط مشاركات على مستوى محدود جدا في لجان الاسناد وجهود الاستجابة.  كشفت الكورونا غياب اي خطة الطوارئ وطنية لمواجهة الكوارث والأوبئة حساسة للنوع الاجتماعي تراعي الفروق بين الجنسين باسناد لدور اكبر للنساء في مواقع صناعه القرار والتخطيط والتنفيذ.

 الكورونا وأزمة التشريعات:

 يجب النظر في القضايا المتعلقة بالنساء بعين الاعتبار لتغيير التوجهات السياسات والتشريعات والاستجابة السريعة والطارئةالتغيرات التي حدثت على اثر الجائحة من زياده في معدلات العنف دفعت بمعلومات على طاوله صناع القرار ضرورة الاسراع باقرار القوانين والتشريعات ذات العلاقة في مناهضه العنف و حمايه المرأة والأسرة من العنف والذي دفع المنظمات النسوية بضرورة الضغط والمطالبة بإقرار قانون حماية الاسرة من العنف، والذي حتى الآن لم تستجب الارادة السياسية في اقراره والاعلان عنه بالجريدة الرسمية.

 هذا القانون مطلب للتأكيد على حمايه النساء والأسرة ولي مواجهه التغول الظلامي في المجتمع والذي يسعى الى الانقضاض على مكتسبات النساء واغلاق المطارات امام اي مطالب ذات علاقه او النساء والحفاظ على تكريس علاقات القوه بين الجنسين والقائمة على الهيمنةوالسيطرة على النساء وضح بعض اي محاوله للتغيير نحو مجتمعات المساواةوالعدالةالاجتماعية وتحصين حقوق النساء من خلال اقرار قوانين توفر الحماية.

 التمويل وتأثيره على أوضاع النساء:

 شاهد العام 2020 تراجعا كبيرا في مستويات التمويل وتحديدا الذي يستهدف قطاعات تلبيس وبشكل مباشر كل قطاع الحماية احد القطاعات العنقودية التدخل الانساني والذي اثر بشكل كبير على الكثير من الخدمات التي تقدم للنساء وخدمات الاستجابةالعاجلةالطارئة تحديدا بعد الاعلان عن خطه التدخل الانساني التنموي للأعوامالقادمة.

 وهذا مؤشر خطير في ظل تراجع التمويل المقدم للأونروا والذى تستفيد منه تقريبا 67 %من سكان قطاع من اللاجئين وتحديداً الأسر التي ترأسها نساء مع هذا التراجع في التمويل تتأثر الخدمات التي تقدمها مؤسسات المجتمع المدني في مجالات التمكين الاقتصادي والحماية والدعم النفسي والمناصرة والضغط، ويخلق حالة من الانكشاف لأوضاع المؤسسات والفئات المستهدفة من النساء تحديدا في المناطق المهمشة والتي تعتمد بشكل أساسي على خدمات المنظمات الأهلية.

 توصيات:

 1-  ضرورة الضغط من أجل تبني خطة وطنية للطوارئ مستجيبة لحاجات النوع الاجتماعي.

2-  الضغط من أجل إقرار قانون حماية الأسرة من العنف.

3- التأثير والضغط على المنظمات الدولية لمضاعفة جهودها في تمويل منظمات المجتمع المدني وتحديدا المنظمات النسوية.

4-  العمل بشكل جاد وسريع على بناء وتفعيل لجنه الطوارئ بما يضمن تمثيل واسع للنساء.

5-  توحيد الخطاب المدني تجاه حقوق النساء و عدم تجزئة الحقوق فهي غير قابله للتجزئة.

6-  الضغط من جل توفير صندوق لدعم النساء والشباب المتضررين من جراء الكورونا. 

اشترك في القائمة البريدية