في اليوم العالمي لحقوق الإنسان: الميزان يطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة

يصادف الخميس الموافق للعاشر من شهر كانون الأول (ديسمبر) 2020، الذكرى السنوية الثانية والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية غير القابلة للتصرف، والذي اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948، والذي شكل القاعدة القانونية العامة والمصدر الرئيس الذي أسس لكل المعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية الخاصة بحقوق الإنسان. واعتمدت الأمم المتحدة هذا اليوم كيوم عالمي لحقوق الإنسان يحتفي العالم به ويشكل مناسبة سنوية لاستعراض الجهود الدولية المحققة على صعيد احترام وتعزيز وحماية حقوق الإنسان، التي أكدت دول العالم التزامها القانوني والأخلاقي على توطيدها واحترامها لكافة بني البشر.

تمر المناسبة هذا العام في ظروف بالغة القسوة يعانيها الفلسطينيون، حيث تتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا سيما حقهم في الحياة والكرامة وتقرير المصير. كما يتعرض الفلسطينيون لحملة تمييز عنصري مستمرة، وتحاول سلطات الاحتلال إسكات الأصوات التي تنتقد انتهاكاتها، بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية والدولية والفلسطينية.

ففي الضفة الغربية والقدس المحتلة، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وممتلكاتهم، وتتوسع في هدم المنازل وبناء وتوسعة المستوطنات غير القانونية، وتفصل المدن والأحياء السكنية عن بعضها البعض من خلال نظام حواجز أمنية دائمة ومؤقتة؛ تحول فيها حياة الفلسطينيين لجحيم، وتدعم وتوفر غطاءً لاعتداءات المستوطنين اليومية بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم. وفي القدس تواصل قوات الاحتلال سياسة التطهير العرقي من خلال هدم المنازل وتهجير سكانها العرب، ومنعهم من ترميم منازلهم، وتحاصرهم في أحياءهم، وتفرض الضرائب الباهظة على الفلسطينيين بقصد التضييق عليهم، ما تسبب في نتائج اجتماعية واقتصادية مدمرة لعبت دوراً جوهرياً في توسيع ظاهرة الفقر وزيادة أعداد الفقراء ومست بجملة حقوق السكان لاسيما الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وفي قطاع غزة، تواصل قوات الاحتلال فرض حصارها المشدد منذ عام 2007 وحتى تاريخه، والذي أثر على كل مناحي الحياة وأسهم بشكل مباشر في تدهور الأوضاع الإنسانية وتردي الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وصرف صحي، وخدمات صحية وتعليم، وقوّض الحد الأدنى من المتطلبات الأساسية للسكان، وهذا ما حذرت منه الأمم المتحدة، بأن قطاع غزة قد يصبح مكاناً غير صالحاً للحياة في عام 2020 إذا ما استمرت أوضاعه على النحو التي هي عليه. كما استمرت الهجمات والاعتداءات اليومية التي تشنها قوات الاحتلال تجاه المدنيين وممتلكاتهم في قطاع غزة، والتي أوقعت آلاف القتلى والمصابين، ودمرت خلالها آلاف المساكن وشردت مئات آلاف الأسر، ودمرت المصانع والمحال التجارية والمنشآت الحيوية في عملية تدمير طالت مقومات الحياة الأساسية.

ففي العام الحالي 2020 وحده، وثق المركز (1116) حادث قصف وإطلاق من قبل قوات الاحتلال تجاه المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم في قطاع غزة، نتج عنها مقتل (6) مواطنين، من بينهم (2) من الأطفال، كما أصيب (55) آخرين، من بينهم (15) طفلاً وسيدة، كما اعتقلت (47) مواطناً، من بينهم (6) أطفال وسيدة، وألحقت أضراراً في (24) منزلاً مأهولاً. في حين توغلت قواتها داخل أراضي القطاع (52) مرة، والتي ترافقت مع عمليات رش للمبيدات الكيميائية من الجو تجاه الأراضي الزراعية ما تسبب في إلحاق الضرر في مساحة (3330607 م2) من أراضي المواطنين الزراعية.

وتسببت ممارسات سلطات الاحتلال في معاناة شديدة للمدنيين، لا سيما المرضى، حيث وثق المركز خلال الفترة نفسها وفاة (5) مواطنين من بينهم (2) من الأطفال وسيدة جراء إعاقة وصولهم للمستشفيات لتلقي العلاج، في حين رفضت وماطلت في إصدار تصاريح لـ(1546) مريضاً كانوا قد تقدموا بطلب الحصول على تصريح السفر للعلاج، مما قد يضع بعضهم على قوائم انتظار الموت.

في الوقت نفسه، يسجل قطاع غزة ارتفاعاً في أعداد الإصابات وتصاعداً ملحوظاً في أعداد الوفيات جراء تفشي فايروس كورونا في ظل إعلان وزارة الصحة الفلسطينية بتاريخ 6/12/2020، توقفها عن أخذ عينات من المخالطين وممن يشتبه بإصابتهم بسبب نفاد مواد الفحص المخبرية، جراء الحصار الإسرائيلي وعدم انتظام توريدها لقطاع الصحة وغياب المساعدات الدولية، ما يهدد بانهيار المنظومة الصحية برمتها.

وتفضي الظروف التي يعانيها السكان على مدى أربعة عشر عاماً إلى تنامي مشاعر اليأس والإحباط لديهم، بعد أن فقدوا أبسط مقومات الحياة، وأصبحوا غير قادرين على الحصول على الحد الأدنى من حقوقهم الأساسية، من غذاء ودواء ومياه نظيفة ومسكن ملائم، ودون وجود مؤشرات على تدخل المجتمع الدولي لوقف المعاناة الإنسانية.

مركز الميزان لحقوق الإنسان يعيد التأكيد، في الذكرى الثانية والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على إيمانه العميق بمبادئ حقوق الإنسان، وعلى مواصلة نضاله الدؤوب لتحويلها واقعاً في هذه المنطقة من العالم. كما يؤكد مركز الميزان على أن استمرار احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية وانتهاكاتها المنظمة بحق المدنيين الفلسطينيين يشكلان تناقضاً واضحاً بين ما يعلنه المجتمع الدولي من انتصار لقيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، وبين تحلله من أي التزامات بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بل واستمرار تجاهله لأساس المشكلة والذي يكمن في استمرار الاحتلال.

وعليه يطالب مركز الميزان المجتمع الدولي بالوفاء بواجباته القانونية والأخلاقية تجاه السكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وضمان عدم إفلات المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة والمنظمة من العقاب والمسائلة. ويجدد مركز الميزان دعواته المتكررة للمجتمع الدولي بتوفير الحماية الدولية للسكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتل، تمهيداً لإنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه الأصيل وغير القابل للانتقاص في تقرير مصيره بنفسه.

اشترك في القائمة البريدية