خلال اليوم الثاني لمؤتمر شبكة المنظمات الأهلية: الدعوة إلى تمكين الشباب والنساء اقتصاديا وإقرار قانون حماية الأسرة من العنف

طالب ممثلو منظمات أهلية ومسؤولون وناشطون في منظمات المجتمع المدني في قطاع غزة بتمكين الشباب والنساء إقتصاديا، من خلال إيجاد حلول وفرص عمل في ظل جائحة كورونا، التي أثرت سلباً على كل فئات المجتمع، بخاصة الفئات الهشة.

ودعوا إلى إشراك النساء والشباب وقطاعات المجتمع المدني في أطر صنع القرار على مختلف المستويات، بما فيها هيئات ولجان مواجهة الجائحة، وتحسين إمكانات وصول المواطنين، خاصة النساء إلى الخدمات المطلوبة.  وشددوا على أهمية إقرار تشريعات وقوانين جديدة، أهمها قانون حماية الأسرة من العنف.

ولليوم الثاني على التوالي، تواصلت أعمال المؤتمر السنوي "حالة المجتمع المدني الفلسطيني.. عام 2020 "، الذي تنظمه شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية تحت عنوان "منظمات المجتمع المدني.. صمود وتحديات"، ضمن مشروع "تعزيز الديمقراطية وبناء قدرات المنظمات الأهلية الفلسطينية"، بالشراكة مع المساعدات الشعبية الفلسطينية NPA.

 وافتتح الجلسة الثانية مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا، مشيراً إلى أهمية انعقاد المؤتمر في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني على كافة المستويات اقتصاديا واجتماعيا وإنسانيا وارتفاع نسب البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي وضعف القدرة على الاستجابة للاحتياجات الأساسية المتزايدة في وقت يستمر الحصار والانقسام وارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا وتناقص التمويل الدولي.

وأدارت الجلسة مديرة مركز الديمقراطية وحقوق العاملين أ. منى رستم التي أكدت على دور المنظمات الأهلية في مواجهة تداعيات فيروس كورونا في ظل العديد من التحديات كتراجع التمويل والاحتلال والحصار الإسرائيلي وصفقة القرن وغيرها.

وأشارت إلى أن تداعيات انتشار فيروس كورونا تجاوزت الوضع الصحي لتمس بمختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والانسانية.

وقدم عمار القدرة من شبكة المنظمات الأهلية ورقة محسن أبو رمضان مدير مركز حيدر عبد الشافي للثقافة التنمية، الذي لم يتمكن من إلقاء ورقته والتي جاءت بعنوان "أثر جائحة كورونا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة"، فيما قدمت نادية أبو نحلة مدير طاقم شؤون المرأة في قطاع غزة ورقة بعنوان "واقع المرأة في ظل الأزمات التي يمر بها قطاع غزة".

وقال القدرة إن قطاع غزة يعيش ظروفاً اقتصادية واجتماعية صعبة تنعكس بصورة واضحة من خلال الارتفاع غير المسبوق لمعدلات الفقر والبطالة والأمن الغذائي، إذ تبلغ نسبة البطالة حوالي 54 في المئة من حجم القوى العاملة، والفقر العام حوالي 65 في المئة، والفقر الشديد 34 في المئة، وانعدام الأمن الغذائي بنسبة لا تقل عن 60 في المئة.

وأضاف أن هناك أربعة عوامل تلعب دوراً كبيراً في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة، أولها الاحتلال والحصار المفروض على قطاع غزة منذ 14 عاماً مصحوباً بثلاث عمليات عسكرية عدوانية واسعة تم من خلالها تدمير البنية التحتية والمرافق الإنتاجية إلى جانب القيود في حرية حركة البضائع والأفراد.

وأوضح أن العامل الثاني يتمثل في الانقسام وتداعياته على الحالة الاقتصادية، بخاصة على الموظفين العموميين الذين أصبحوا يحصلون على 50 أو 30 في المئة من قيمة الراتب.

وأشار إلى أن العامل الثالث يتمثل في نقص التمويل الدولي الذي يبرز بوضوح في العجز المالي التي تعيشه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وتراجع العديد من المساعدات الدولية وشروط التمويل الجديدة والتركيز على برامج الإغاثة بدلاً من التنمية.

أما العمل الرابع فيتمثل، وفقا لورقة أبو رمضان، في جائحة كورونا التي جاءت في ظل أزمة معقدة ومركبة يعيشها الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة، التي عمقت من التهميش و فاقمت مظاهر الفقر والبطالة، وأفرزت مظاهر اجتماعية مقلقة مثل التسول، وعمالة الأطفال وانكفاء الشباب وحالة الإحباط وتعزيز الرغبة بالهجرة والعزوف عن المشاركة في النشاطات الاجتماعية والسياسية.

ولفتت الورقة الى أن جائحة كورونا أثرت على العديد من القطاعات، أبرزها قطاع العمال المياومين والمشاريع المندرجة في الاقتصاد غير الرسمي الذي يشكل حوالي 85 في المئة من بنية الاقتصاد في القطاع.

واعتبرت أن الجائحة أثرت على نمط العلاقات الاجتماعية من خلال الحجر المنزلي والانعزال، الأمر الذي أدى الى تعزيز الفردانية والابتعاد عن الاندماج بالأنشطة الاجتماعية.

وشددت على أن التفاعل مع الجائحة يتطلب تضافر أدوار كل من الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات العمل الأهلي بهدف العمل على إعادة تأهيل القطاعات المتضررة، بخاصة أصحاب المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، وتحديداً النساء والشباب، ودوراً أكبر للقطاع الخاص وتحديداً في الخارج لتوفير صندوق قادر على اسنادهم.

وطالبت بالالتفات الى التداعيات الاجتماعية جراء الجائحة، ومنها مشاكل الشباب والنساء والأطفال عبر تعزيز التمكين النفسي والاجتماعي وغيرها من البرامج الاسنادية، بهدف الابتعاد عن المظاهر السلبية الناتجة عنها، واستبدالها ببرامج تساعد على ملء الوقت والفراغ بصورة إيجابية بهدف تعزيز ثقافة الصمود والتماسك الاجتماعي.

من جهتها، قالت أبو نحلة إن الجائحة أثرت على النساء في كل العالم، وأن أوضاع النساء في قطاع غزة كانت أكثر تضرراً، كما باقي النساء في الأراضي الفلسطينية.

وشددت على أنه على رغم التزامات دولة فلسطين الخاصة في مناهضة التمييز وعدم المساواة، وأجندة التنمية المستدامة 2030، إلا أن التمييز وعدم المساواة ما يزال قائماً في كل الهياكل والبنى الاجتماعية والاقتصادية.

وأوضحت أن مسح العنف الصادر عن جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني رصد ارتفاع ملحوظ في معدلات العنف ضد النساء بنسبة 30 في المئة، وارتفاع جرائم قتل النساء، إذ فقدت أكثر من 19 امرأة حياتهن في الضفة وغزة لأسباب مختلفة، تزامناً مع تحديات كثيرة في إمكان وصول النساء الضحايا إلى مراكز الحماية، مثل بيت الأمان الحكومي، الذي أغلقته حكومة غزة كتدبير وقائي، وكذلك في الضفة الغربية، ما لم تخضع النساء للحجر لمده 14 يوماً.

وقالت إن مركز المرأة للإرشاد القانوني أصدر تقريراً أشار إلى أن 3130 امرأة وفتاة من قطاع غزة طلبنّ المساعدة والإرشاد والدعم النفسي خلال الشهور الثلاثة الأولى للجائحة بزيادة قدرها 69 في المئة في مختلف الأراضي الفلسطينية، ونسبة 43 في المئة في زيادة طلب المساعدة الهاتفية والدعم النفسي جراء العنف خلال هذا العام.

وانتقدت عدم اتخاذ تدابير حكومية أو خطة طوارئ من قبل الجهات الحكومية في قطاع غزة، تضمن الاستجابة للعنف المبني على النوع الاجتماعي، على رغم تبني وزارة شؤون المرأة خطة تدخل لمساندة المرأة في مواجهة كورونا وتستند على أربعة محاور، هي الوقاية، والانعاش، والدمج، والتمكين الاقتصادي.

وقالت إن تضرر المصالح الاقتصادية، التي تأثرت بها الطبقات الفقيرة جراء الجائحة، أثرت بشكل كبير على الأمن الإنساني والاجتماعي والاقتصادي، وكشفت هشاشة النظم الاقتصادية والسياسية.

وأضافت أن مؤشرات البطالة في فلسطين بين النساء من أعلى المؤشرات عالمياً، ونسبة مشاركة النساء في العمل الرسمي لا تتجاوز 18 في المئة، وفي غزة لا تتجاوز 14 في المئة.

وأوضحت أن نسبة الاصابة بفيروس كورونا تبلغ بين النساء 35 في المئة، مقابل 65 في المئة من الذكور، وحالات الوفاة الناجمة عن الإصابة بالفيروس بلغت 75 في المئة من الإناث.

وشددت على أن المطلوب أدوار قيادية للنساء في صنع القرار وليست فقط مشاركات على مستوى محدود جداً في لجان الإسناد وجهود الاستجابة.

ودعت الى تغيير التوجهات السياسات والتشريعات، مشيرة الى أن المنظمات النسوية ضغطت وطالبت بإقرار قانون حماية الاسرة من العنف، ولم تتم الاستجابة له حتى الآن.

ولفتت أبو نحلة إلى تراجع كبير في التمويل، وتحديداً الذي يستهدف كل قطاع الحماية، أحد القطاعات العنقودية للتدخل الانساني، وهذا مؤشر خطير في ظل تراجع التمويل المقدم لـ “أونروا"، الذي يستفيد منه تقريبا 67 في المئة من اللاجئين، وتحديداً الأسر التي ترأسها نساء.

بدوره، عقب د ياسر أبو جامع مدير برنامج غزة للصحة النفسية على ورقتي أبو رمضان وأبو نحلة قائلاً "أنهما غنيتان بالمعلومات والأفكار، وأنهما أشارتا إلى أهم أربعة عوامل كأسباب رئيسية لتردي أوضاع المرأة والأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية على النحو التالي: الاحتلال، والانقسام، ونقص التمويل، و جائحة كورونا وتداعياتها".

وأضاف أن الورقتين قدمتا معلومات وأرقاما مقلقة جداً حول أوضاع الموظفين والعمال والنساء والتأثيرات السلبية للجائحة على هذه الفئات، بخاصة النساء والشباب وغيرهم. وقال أبو جامع إنه "من المؤسف إضافة الشباب إلى الفئات الهشة من المجتمع بسبب ارتفاع نسبة البطالة".

 

اشترك في القائمة البريدية