العيادات القانونية داعم للفئات الهشة في القطاع وتعزز فرص الوصول للعدالة



رغم أن وسائل التقاضي متاحة أمام الجميع لتحصيل الحقوق، إلا أن الكثيرين لم يطرقوا أبواب المحاكم قط، رغم أنهم أصحاب حقوق، وظلت مظلمتهم حبيسة صدورهم لسنوات طويلة.
فالفقر وقلة الوعي القانوني حالا دون لجوء هؤلاء المظلومين لمحامين، أو حتى للمحاكم بشقيها الشرعي والنظامي، إلى أن جاءت فكرة العيادات القانونية، التي أطلقها "برنامج سواسية"، والمستمر حتى الآن من خلال البرنامج المشترك لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة – اليونيسف: تعزيز سيادة القانون في دولة فلسطين، لمساعدة الفئات الهشة، وتقديم خدمات العون القانوني المجاني لها بمستوياتها الثلاث (التوعية والاستشارات والتمثيل القضائي أمام المحاكم).
وقد استطاع هذا البرنامج "العون القانوني" الذي انطلق في العام 2011، إنشاء العديد من العيادات القانونية في مناطق مختلفة من قطاع غزة، التي ركزت العمل في المناطق الريفية والمهمشة، وبدأت عبر سلسلة من ورش العمل والندوات التثقيفية بالوصول للمواطنين، خاصة النساء، وتعريفهن أن ثمة حقوقاً لهن، سواء كانت مترتبة على عقد الزواج، أو حقوق ميراث، أو غيرها، وعليهن المطالبة بها، وأن أبواب العيادات القانونية مفتوحة لمساعدة تلك الفئات، وتقديم ما يلزم من استشارات وتمثيل قضائي مجانا لها.
ويقول حسام جرغون، منسق مشروع العون القانوني بالجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون برفح، إن فكرة إنشاء العيادات القانونية جاءت تلبية لاحتياجات الفئات الضعيفة للتمكين القانوني، وهي الفئات المحرومة من خيارات وفرص الحصول على الخدمات والحقوق الأساسية والحماية الاجتماعية.
ولفت إلى أن العيادة عملت على تقديم المساعدة القانونية المجانية على ثلاث مستويات، وهي الاستشارة القانونية، والتوعية القانونية: من خلال عقد ورشات توعية في العديد من المواضيع القانونية التي تهم الفئات الهشة، والتمثيل القضائي والقانوني أمام المؤسسات القضائية والرسمية.
فيما تقول سعاد المشني المحامية بالعيادة القانونية، إن غالبية الحالات التي تصل ومعظمها من النساء، يجهلن أن القانون كفل لهن حقوقاً، فبمجرد وصول الحالة يجلس المحامي أو المحامية معها، ويسمع لشكواها، وهنا يتم تحديد شكل التدخل القانوني، سواء باستشارة، أو تمثيل قضائي أمام المحاكم الشرعية أو النظامية، مع ميل العيادات في الكثير من الحالات لإعطاء فرص للصلح، قبل الشروع برفع دعاوي قضائية، وقد نجحت في إنهاء خلافات، وإرجاع حقوقا لأصحابها بطرق ودية، كما وأعادت لم شمل أسر فرقتها المشاكل لفترات طويلة.
وأكدت المشني أن أهم ما يميز عمل العيادات في قطاع غزة وعددها ثمانية عيادات رئيسية، وأنها تعمل بصورة تكاملية، بمعنى أن بعضها يعمل في القضاء الشرعي وأخرى في النظامي، وإذا جاءت حالة تحتاج لرفع قضية في المحاكم النظامية إلى عيادة غير متخصصة، يتم تحويلها للمختصين من الشركاء لمساعدتها.
وشددت المشني على أن العيادات لم ولن تكن بديلاً عن مكاتب المحاماة، فهي لا تستقبل إلا الحالات الهشة والضعيفة (وفق معايير الهشاشة التي وضعتها شبكة عون للوصول للعدالة)، والتي لا تمتلك دفع أتعاب المحاماة أو رسوم القضايا، لذلك هي تسهم في مساعدة الفقراء في الحصول على حقوقهم التي أقرتها القوانين.
وشدد جرغون على أن عمل العيادات غير مرهون بوجود تمويل من الجهات المانحة، فحتى في فترات غياب هذا التمويل لم تتوقف عن العمل، مردفا أن الفترات الماضية تضاعف عدد زوار العيادات أربع أو خمس أضعاف، مقارنة مع بدايات انطلاقها، وهذا بحسب جرغون له سببان، الأول تزايد حالات الفقر، والثاني زيادة الوعي القانوني لدى الناس، بفضل برامج التوعية التي نفذتها العيادات على مدار تسعة سنوات متواصلة دون انقطاع.




اشترك في القائمة البريدية